ما الدليل على أن القرآن معجز ؟ - مدخل عقلي
إن سأل سائل ، فقال :
ما الدليل على أن القرآن معجز
؟
قيل له :
الدليل على ذلك أن النبي صلى الله
عليه وسلم ادعى النبوة ، وأتى بالقرآن ، وادعى أنه معجز قد أنباه عز وجل به وجعله دلالة
على صحة دعواه ، وبرهانًا على صدقه ، وتحدى به العرب قاطبةً ، وقرعهم بالمعجزة عن الإتيان
بمثله ، بل بسورة مثله ، وفيهم الخطباء ، والشعراء والبلغاء ، وهم الغاية في البيان
، وأولوا المعرفة بمواقع الكلام وأجناسه وأساليبه من المنثور والمنظوم ، ولهم العادة
المشهورة في التفاخر بالبلاغة والفصاحة ، والمعرفة بطرق المعارضات ، ومزايا المخاطبات
مع ما كانوا عليه من الحمية والأنفة والعصبية ، ومع شدة حرصهم على تكذيبه ، وتوهين
أمره ، وإبطال دعواه ، حتى بذلوا لذلك ما عز وهان من النفس فما دونها .
وهو صلى الله عليه وسلم يتحداهم
، ويقرعهم بالعجز ، ويدعي أنه حجته وبينته ، ويذم مع ذلك أديانهم ، ويسب آلهتهم التي
اتخذوها من دون الله عز وجل ، ويدعوهم إلى طاعته ، والتصرف على أمره ونهيه ، واستمر
على ذلك زمان بعد زمان فلم يعارضوه ، وعدلوا إلى الحرب التي هي أشق فقاتلوا حتى قتلوا
وقتلوا .
فدل ذلك على أن عدولهم عن معارضة
القرآن لم يكن إلا لتعذره عليهم ، إذا لا يجوز على العقلاء إذا حاولوا أمرًا أن يعدلوا
لمحاولته من الأسهل إلى الأعضل ، ومن الأيسر إلى الأعسر ، إذا كانوا متمكنين منهما
. وإذا ثبت تعذرها عليهم ثبت أنها على غيرهم أشد تعذرًا .
ليست هناك تعليقات :