تسمية 1

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

نحو واقع أفضل للمرأة المسلمة

نحو واقع أفضل للمرأة المسلمة (1-2)
كتبه هشام عزمي

في شهر مايو 2004 أخذت بعض الكتابات العلمانية تبشر بقرب إنشاء ما وصف أيامها بـ(المرصد الإعلامي للمرأة) الذي كان هدفه رصد ومتابعة ما يكتب ويثار في الإعلام حول المرأة لاتخاذ موقف منه بالتحذير والتنديد إن كان يخالف ما يراه القوم ، أو بالترحيب إن كان يوافقه . ورغم أن هذه المحاولة خابت وطاشت أيامها ، إلا أن المرء يجد صعوبة كبيرة في قبول فكرة عدم وجود مرصد إسلامي للمرأة المسلمة المتدينة الملتزمة بحجابها الشرعي ؛ مرصد يقوم برصد مظاهر التمييز ضد المرأة المسلمة والمنتقبة تحديدًا لكونها أكثر فئة نسوية تتعرض للاضطهاد والتمييز في المجال العام . ويمكن لمثل هذا المرصد أن يبدأ عمله كموقع على شبكة الانترنت يرصد وينتقد الممارسات القمعية ضد المرأة المسلمة ، وعلى الجانب الآخر ينشر ويشجع الممارسات الإيجابية في هذا الإطار ، بحيث يكون هذا المرصد نواة صلبة لمنظمة حقوقية تكون قضيتها الأولى هي حق المرأة المسلمة الملتزمة بحجابها الشرعي - خاصةً المنتقبة - في ارتداء النقاب أو الحجاب في أي مكان ، وأن هذا لا يعوق حياتها ولا دراستها ولا عملها ولا نشاطها الاجتماعي ، وأنه لا يحق لأي فرد أو جهة منع المنتقبة تحديدًا من التواجد في أي مكان مسموح فيه بتواجد النساء عمومًا ، أو من ممارسة أي مهنة أو وظيفة تمارسها النساء في المعتاد . وأذكر بهذا الخصوص أن أختي حفظها الله - وهي صيدلانية ذات كفاءة ونشاط - تم منعها من المشاركة في القوافل الطبية الحكومية في عهد المخلوع بسبب التزامها بالنقاب ، وكان د. حاتم الجبلي - وزير الصحة الأسبق - يقوم بحملة ضارية في تلك الأيام لحرمان الممرضات المنتقبات من العمل ، لكن جهوده بائت بالفشل بسبب العدد الكبير جدًا للممرضات المنتقبات وبسبب العجز البالغ في أعداد الممرضات عمومًا ، مما كان سيؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية لو تم تفعيل هذا القرار . والأمثلة على التمييز ضد المرأة المسلمة الملتزمة بالحجاب الشرعي أو النقاب كثيرة بثيرة ، منها حرمانها من العمل كمضيفة في الطائرات أو كممرضة أو طبيبة في مستشفيات الشرطة أو القوات المسلحة ، أو حتى السماح لها بالتواجد في نوادي الشرطة والقوات المسلحة وبعض الفنادق ، وغيرها .
من المهم لهذه المنظمة الحقوقية أن تكون لها كوادر حركية نشطة قادرة على القيام بالفعاليات والأنشطة اللازمة لنشر القضية وجلب التعاطف لها من خلال الملصقات والمنشورات واللافتات والمسيرات وغيرها ، وكذلك كوادر إعلامية قادرة على عرض القضية في البرامج الحوارية والمداخلات الهاتفية على الفضائيات والدفاع عنها في المحاورات والمناظرات ومواجهة الخصوم والرد عليهم وإفحامهم ، وأن تضم صفوفها محامين يقومون بمقاضاة الخصوم والجهات المتعنتة وإثبات الحقوق القانونية الرسمية للمنتقبات والمحجبات حجابًا شرعيًا في العمل والتواجد بأي مكان .
هذه الكوادر ستعمل كخط مواجهة أمامي يحتاج إلى خطوط دعم لوجيستي ، وهذه الخطوط تمثل أربعة أنواع من الدعم :
- دعم فكري يمثله العلماء والمفكرون والقانونيون والمراكز البحثية التي تضع التصورات والأفكار وتصوغ خطط العمل ، ومهمة هذه الفئات الرد على التساؤلات الدينية والقانونية ، كما أنهم يشاركون في صياغة البرامج ورسم المراحل وتحديد المسارات والبدائل .
- دعم مادي يتمثل في التبرعات ومساهمات المؤمنين بالقضية والمتضررات منها ، وربما يحتاج الأمر إلى وقف معين لتوفير الدعم المالي .
- دعم فني يتمثل في التدريب على المهارات اللازمة مثل كيفية إدارة المنظمات غير الحكومية غير الربحية ومهارات التواصل والترويج وتسويق الأفكار والإقناع وإدارة فريق العمل وغيرها ، وكذلك توفير ما يحتاجه العمل من خدمات إعلانية ومواصلات وغيرها .
- العلاقات مع الشخصيات العامة والصحفيين والإعلاميين ، ومع القوى المجتمعية والسياسية والأحزاب والجماعات المختلفة ؛ فالعلاقات الجيدة مع الإعلاميين مثلاً تعطي الفرصة لاستضافة أعضاء المنظمة في وسائل الإعلام لإعطاء آرائهم في المسائل المتعلقة بقضيتهم ، والعلاقات مع الأحزاب والجماعات والقوى المختلفة يمكن أن تجلب تعاطفها للقضية فيكون متاحًا عندها ممارسة ضغوط مجتمعية وسياسية ومادية على الجهات المعادية للقضية - بالإضافة إلى المسلك القانوني التقليدي - مما يكون أنفع للقضية وأقرب لإحراز النجاح فيها . 




نحو واقع أفضل للمرأة المسلمة (2-2)
كتبه هشام عزمي

من الكلمات المهمة التي ينبغي لأبناء الصحوة الإسلامية وضعها نصب أعينهم كلمة د. عبد الكريم بكار : ((إن من المهم أن تدرك أنك حتى تحافظ على الأصول والثوابت والأساسيات ، فلا بد لك من حركة لا تهدأ في تطوير تنظيرك وطرحك الفلسفي ، وفي تحسين الأطر والأساليب التي تخدم تلك الأصول)) ، فالسبيل للحفاظ على ثوابتنا الإسلامية يحتاج منا إلى العمل في اتجاهين: الأول هو تطوير الطرح الفكري ، أي: تجديد الخطاب الإسلامي وتقديمه في صورة عصرية حديثة ، والاتجاه الثاني هو تحسين الأساليب التي تخدم هذه الثوابت . وسأبدأ بمثال على الاتجاه الثاني ، ثم أتبعه بمثال على الاتجاه الأول في إطار موضوعنا عن المراة المسلمة .
أحد الأخوة يملك مطعمًا وقرر أن يصمم قسم العائلات فيه بحيث تكون الطاولات مفصولة تمامًا عن بعضها البعض بستائر قماشية تمنع الرؤية ، هذا التصميم الجديد كان مناسبًا جدًا للأخوات المنتقبات اللاتي لا يذهبن مع أزواجهن إلى المطاعم العامة بسبب صعوبة الأكل في الأماكن المفتوحة مع ارتداء النقاب والقفازين ، فكان هذا المطعم فرصة فريدة لكي يصطحب الرجل زوجته المنتقبة إلى الغداء أو العشاء خارج المنزل بدون حرج وبدون نظرات متلصصة . ومع الوقت صار الناس يتواصون بهذا المطعم لأجل هذه الخدمة المميزة ، ثم مع نجاح الفكرة أخذت بها مطاعم أخرى وانتشرت في طول البلاد وعرضها ، وأصبح الأزواج لا يستطيعون أن يجدوا حجة مقنعة يحرمون بها زوجاتهم المنتقبات من النزهة خارج المنزل وتناول الطعام بالخارج .
طبعًا هذه القصة خيالية ، لكنها تصلح كمثال على كيفية تحسين الأساليب التي تخدم الثوابت الإسلامية بحيث تستطيع المرأة المسلمة أن تمارس حياتها في واقع أفضل ولو من ناحية صغيرة .
المثال الثاني ، وهو على كيفية تطوير الطرح الفكري للثوابت الإسلامية وتقديمه في صورة مناسبة للعصر ، هو فكرة إنشاء مراكز علمية للدراسات الأسرية والاجتماعية وهي مراكز بحثية تعني بدراسة القضايا المتعلقة بالمرأة المسلمة والأسرة بهدف الوقوف على أسبابها ومظاهرها واقتراح الحلول لها وفق الرؤية الإسلامية ، والمساهمة بشكل مؤسسي منظم في مكافحة حركة التغريب وبرامجها الموجهة نحو المرأة والأسرة ، وتنبثق من هذه المراكز مكاتب استشارية - يقوم عليها متخصصون - تقدم المشورة المباشرة للأسر التي تعاني من خلافات زوجية أو مشاكل في تربية الأبناء ، وعرض سبل معالجتها وطرح الحلول المناسبة وفق الرؤية الشرعية السليمة مع اتباع العلوم العصرية الحديثة في مجال الإنسانيات .
وهذه الأهداف يمكن السعي لتحقيقها عن طريق هذه المراكز بالوسائل الآتية :
- إجراء البحوث والدراسات العلمية حول القضايا الأسرية والاجتماعية .
- إقامة الندوات والملتقيات لمناقشة هذه القضايا .
- إعداد برامج لتوعية المجتمع بهذه المشكلات وطرق معالجتها من خلال المحاضرات والندوات والمنشورات واللافتات والإعلانات وغيرها .
- مساندة الباحثين والباحثات الاجتماعيين وتقديم الدعم اللازم لهم .
- نشر البحوث والرسائل العلمية المتعلقة بقضايا المرأة والأسرة والمجتمع .
- التواصل مع العلماء والدعاة والأخصائيين الاجتماعيين والخبراء التربويين .
- التواصل مع وسائل الإعلام .
المقصود هو تجديد الخطاب الديني التقليدي بحيث يتم تقديمه في صورة إجراءات عملية مباشرة على أرض الواقع تنتفع بها المرأة والأسرة ، بالضبط كما يتم تحويل فكرة مثل ستر العورات في المستشفيات إلى إجراءات وبروتوكولات متبعة في العيادات وغرف العمليات .
وفي الختام نذكر بكلمة د. عبد الكريم بكار وتأكيدها على حقيقة أن الحفاظ على الثوابت يتطلب عملاً دؤوبًا في تطوير الطرح الفكري من ناحية وتحسين السبل التي تخدم هذه الثوابت .

ليست هناك تعليقات :

تسمية 2

تسمية 3

تسمية 4