تسمية 1

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

سلسلة : نظرية التطور ، رؤية نقدية (5) النوع



النوع
Species

يستخدم العلماء المؤيدون للتطور والمعارضين نفس المصطلحات العلمية تقريبًا ، لكنهم يقصدون بها معان مختلفة تمامًا ، فمثلاً ظهر لنا في المقالات السابقة أن هناك فرقًا شاسعًا بين التطور الصغير والتطور الكبير وأنهما شيئان غاية في الاختلاف ، لكن التطوريين يرون أنهما نفس الشيء ولا فرق بينهما ولا داعي للتفريق ، كيف هذا ؟ هذا هو الحاصل وذلك لأنهم يسعون للتدليس على الطلبة بخصوص حقيقة التطور وحقيقة الأدلة عليه .
القوم لا يملكون أي دليل علمي على وقوع التطور الكبير الذي هو حقيقة التطور الدارويني ، فبالتالي هم يقومون بالتدليس ليتظاهروا بأنه يوجد دليل علمي على التطور ، ثم يستعملون نفوذهم العلمي والإعلامي للحط من مخالفيهم . فلا بد لهم من التظاهر بوجود دليل علمي على التطور حتى يقنعوا الآخرين ، ولأنهم لا يملكون هذا الدليل المادي فهم يسعون للتدليس في المصطلحات . لأجل هذا استغرقنا كل هذه الصفحات لتوضيح وبيان المقصود بهذه المصطلحات . إذا كانت كل المصطلحات مبينة على تركيب الحمض النووي ، وكان التطوريون مخلصين في استعمالها بشكل صحيح لما اقتنع بالتطور الدارويني أي شخص على الإطلاق ، لهذا فهم بدلاً من استعمال مصطلحات دقيقة مبنية على الحمض النووي ، يقومون باستخدام المصطلحات بشكل ضبابي فيه الكثير من الغموض والتلاعب والتدليس . وفي نهاية المطاف سيظهر أنه لا دليل حقيقي على الداروينية إلا التدليس والتلاعب بالمصطلحات ، فإنه في واقع الأمر لا يوجد أي دليل على حدوث التطور الكبير الذي هو التطور الدارويني .
طبعًا يعي القارئ أن مفهوم التطور الكبير مرتبط بمفهوم النوع الذي هو بدوره مرتبط بمفهوم تركيب الحمض النووي ، وذلك لأن مصطلح النوع ومصطلح تركيب الحمض النووي يعنيان نفس الشيء في الحقيقة .

مع اكتشاف الحمض النووي في 1953 كان من المنتظر من كتب العلوم أن يتم ربط كل المصطلحات العلمية بتركيب الحمض النووي ، لكن هذا لم يحدث ، وليس من المتوقع أن يحدث ، فمؤيدو التطور حريصون على أن يظل الغموض محيطًا بالمصطلحات العلمية . ورغم أننا لا يمكننا التحصل على الحمض النووي الخاص بالعديد من الكائنات المنقرضة إلا أن لدينا ثروة من الأحماض النووية المختلفة لكل الأنواع الحية وبعض الأنواع المنقرضة ، بالإضافة إلى أن تقنية قراءة النيوكليوتيدات في الحمض النووي قد تقدمت كثيرًا . لكن الحقيقة أنه حتى لو حصلنا على الحمض النووي الخاص بكل حيوان ونبات وكائن وحيد الخلية أو عديد الخلايا على وجه الأرض ، فلن يتم ربط مصطلح النوع بتركيب الحمض النووي ، لماذا ؟ لأن هذا الغموض والاضطراب يخدم في الحقيقة الأيديولوجيا الإلحادية .
من المؤكد أن القارئ العزيز يتساءل الآن عن تعريف مصطلح النوع عند الداروينيين ، في الحقيقة لا أحد يمكنه أن يجيب عن هذا التساؤل لأن القوم ليس لديهم حتى الآن تعريف للنوع ! وهذا يعطيهم الكثير من المرونة عند الحديث عن التطور . بكلمات أخرى ، فإنه إذا لم يكن للنوع تعريف محدد عند القوم فليس عليهم حرج في عدم ربط التطور بالنوع ، وبالتالي يكون لديهم مساحة للمراوغة في الكلام عن نظرية التطور دون الرجوع للحمض النووي أو تركيبه ، ويبدو هذا واضحًا في كون أمثلتهم على صحة الداروينية لا تشترط إطلاقًا نشوء جينات جديدة . الغموض يولد مزيدًا من الغموض ومع تعريف غامض أو حتى بدون تعريف محدد للنوع يستطيع التطوريون أن يزعموا وجود أدلة على صحة التطور كما يشاؤون دون أي قيود .
لكن قبل أن نحكي تعريف التطوريين للنوع دعنا نؤكد على تعريفنا نحن له : النوع المحدد المعين هو الذي يكون له تركيب محدد معين للحمض النووي . تعريف غاية في الدقة ، أليس كذلك ؟ رغم هذا نجد التطوري الشهير إرنست ماير Ernest Meyer يقول بخصوص عدم قدرة التطوريين على وضع تعريف محدد للنوع :

لا يستطيع المرء أن يدرس أصل الفجوات بين الأنواع إلا إذا درس ما معنى الأنواع أصلاً . لكن الطبيعيين يمرون بوقت مرير عند محاولة الوصول لإجماع على هذه النقطة . في كتاباتهم يُعرف هذا الأمر بمشكلة الأنواع species problem . حتى الوقت الحاضر لا يزال لا يوجد اتفاق على تعريف النوع . هناك أسباب عديد لهذه الخلافات ، لكن أهمها اثنان . الأول هو أن مصطلح النوع يستعمل للإشارة إلى أشياء مختلفة كثيرًا ، للنوع كمفهوم وللنوع كتصنيف . مفهوم النوع يشير إلى معنى الأنواع في الطبيعة وإلى دورها في البيئة الطبيعية . أما تصنيف النوع فيشير إلى موضوع خاص بعلم الحيوان ، إلى تجمع سكاني يقوم سويًا بتحقيق مفهوم النوع .
تصنيف الإنسان العاقل homo sapiens هو تجمع من السكان الموزعين جغرافيًا يندرج ككل تحت مفهوم نوع معين .
السبب الثاني هو أن مفهوم النوع قد تغير على أيدي الطبيعيين في المائة عام الأخيرة من كونه لصيقًا بمفهوم النوع التوبوجرافي إلى قبول مفهوم النوع البيولوجي .
لو كانت الاختلافات بين السكان عبر نطاق جغرافي لنوع ما قليلة ولا تندرج تحت فروق تصنيفية ، فالنوع يسمى أحادي الصورة monotypic . رغم هذا ففي الغالب تكون السلالات الجغرافية من نوع ما مختلفة بشكل يبرر تصنيفها إلى أنواع فرعية subspecies ، وتصنيف النوع الذي يتكون من عدة أنواع فرعية يسمى متعدد الصور polytypic . أ.هـ.

هل سبق لكم أن قرأتم مثل هذا الهراء ؟ لم يتم ربط مصطلح النوع بتحمعات سكانية موزعة جغرافيًا أو مفهوم توبولوجي أو مفهوم بيولوجي .. إلخ ، ماذا دهى هذه العقول ؟
لاحظ أنه على مدار هذه الفقرات الطويلة لم يخرج لنا ماير بتعريف للنوع ، بل إنه لم يذكر الحمض النووي ولو لمرة واحدة ! لماذا لا يقوم هؤلاء القوم بتعريف النوع حسب تركيب الحمض النووي ؟ إنهم يتصرفون كما لو كان الحمض النووي لم يكتشف بعد !
هم يتعمدون الغموض لأن الحقيقة ستهدم مكرهم بالليل والنهار ، لابد لهم من التضليل والتدليس في المصطلحات وإظهار المسألة بصورة معقدة متحذلقة بحيث لا يفهم طلبة العلوم ما الذي يجري .
كل ما عليهم أن يفعلوه هو أن يعرفوا النوع بأنه التركيب المعين للحمض النووي ، ثم يربطون كل مصطلحاتهم بهذا التعريف . لكنهم لن يفعلوا هذا ، لابد من تغليف المسألة بسحابة من الغموض والرطانة العلمية غير المفهومة . العلماء المؤمنون بالخلق لا يحتاجون إلى هذه الأساليب المخادعة ، فمصطلحاتهم مرتبطة بتركيب الحمض النووي ، وهم يعلمون جيدًا أن الحمض النووي اكتشف عام 1953 . لهذا ينبغي التنبيه على أن تعريفاتنا للمصطلحات لا تتفق وتعريفات التطوريين المبثوثة في كتب علم الأحياء التي يدرسها الطلاب في بلادنا . لن تجد في كتب علم الأحياء أي ذكر للتطور الصغير أو التطور الكبير ، وهذا مقصودٌ ومتعمدٌ بالطبع .

كذلك من الأمثلة الفجة على هذا التدليس كلامهم عن الانتواع speciation وهو افتراق نوع واحد إلى نوعين ، ولأنهم لا يملكون تعريفًا واضحًا محددًا للنوع ، فمفهوم الانتواع عندهم مضطرب بشدة كذلك . فلا تعرف هل هم يقصدون به نشوء سلالة جديدة بدون استحداث تركيب جديد للحمض النووي أم نشوء نوع جديد بتركيب جديد للحمض النووي . ولأجل هذا تجدهم يأتون بأمثلة على التطور وهي في الحقيقة أمثلة على التطور الصغير لا الكبير ، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي أمكن رصده في الطبيعة ، أما التطور الكبير فلم يسبق رصده أبدًا ، وبالتالي فليس عليه دليل واحد . رغم هذا كله يقولون إن لديهم جبالاً من الأدلة على التطور مستعملين أسوأ أساليب التدليس والتضليل .

هناك تعليقان (2) :

  1. شكرًا جزيلا على مجهودك الرائع والموفق للتوضيح على اساليب و المصطلحات التضليل والتدليس للعقيدة التطوريين الداروينية

    ردحذف

تسمية 2

تسمية 3

تسمية 4