قبح الزنا والإباحية الجنسية عقلاً
بسم الله ..
خلق الله تبارك وتعالى الزوجين الذكر والأنثى وأودع فيهما ما يجعل أحدهما يميل إلى الآخر ..
وهو المعروف بالرغبة الجنسية أو الميلان الجنسي ..
ثم إنه تبارك وتعالى ركّب في الرجل من الشهوة ما يفوق قوته وطاقته بمراحل ..
وجعل هذه الشهوة غير محدودة بحد ولا مضبوطة بضابط ..
فلا هي مقيدة بوقت من أوقات الليل والنهار ، ولا بفصل من فصول السنة ..
ثم إنه ليس في جبلة الإنسان ما يقف به عند حد معين ..
بل ركب الله من أسباب الجاذبية في الجنسين ما لا يعد ولا يحصى ..
وجعل في هيئة الجسم وتناسبه وتركيبه وأجزائه وحركاته ولفتاته ، بل في رنة الصوت ونظرة العين قوة جاذبة أخاذة ..!
وهذه كلها نوازع تحرك الشهوة وتجعل الواحد يميل إلى الجنس الآخر ..
فلماذا خلق الله تبارك وتعالى الإنسان على هذه الجبلة والنزعة العارمة ..؟
ألمجرد بقاء النوع ..؟
لا ، لأن النوع الإنساني لا يحتاج إلى كل هذا التناسل للبقاء ، فهو ليس كالسمك أو الذباب ..!
ألمجرد توفير اللذة والمتعة ..؟
لا ، لأن الإنسان لو أتى الوظيفة الجنسية بقدر عشر ما فيه من الشهوة والنزوع الجنسي لخانته طاقته ولخارت قواه ..!
وهذا أمرٌ واقعٌ بالحس والتجربة ..!
ولو حاول المرء أن يحصّل اللذة من كل شهوة تعرض له لهلك قبل أن يبلغ العشرين من العمر ..!
تأمل كيف يبذل المرء وسعه في تحصيل لذة الجماع مع زوجه مرة بعد مرة ..
حتى ينهال عرقه وتنقطع أنفاسه فيحتاج إلى الراحة في منتصف الطريق حتى تتجدد قواه فيواصل من جديد ..
ثم تصوّر هذا المجهود مع كل شهوة تثيرها نظرة أو لفتة أو ضحكة أوحتى منظر حذاء حريمي ..!!
وهذا يدل على أن سبب قوة الشهوة عند الإنسان ليس مجرد إتيان الوظيفة الجنسية ..
بل هو تقوية الرابطة بين الرجل والمرأة إلى جعلها علاقة ثابتة مطردة ..
ولأجل ذلك ركب في طبع المرأة من الحياء والاحتشام والصدود والامتناع ما يجعل الرجل مشدودًا دومًا إليها ..
فطبيعة المرأة من الصدود والامتناع فهي مما يحافظ على ثبات علاقة الرجل بالمرأة ..
لأن إقبال الرجل مع صدود المرأة يخلق توازنًا يحافظ على ثبات واطراد العلاقة ..
كما هو الحال مع قوة الجاذبية وقوة الطرد المركزي بين الأجرام ..
وفي الواقع فإن تمنع المراة ودلالها على الرجل مع شدة رغبته فيها من الأمور التي تخلب لب الرجل حقًا ..
وهي من الأسرار الإلهية التي أودعها الله تعالى في طبيعة المرأة ..
فالمقصود من هذه الجبلة الجنسية هو تحقيق الاتصال الدائم بين الزوجين فيما يعرف بنظام الأسرة ..
لا أن تكون كل العلاقة بينهما هي مجرد عملية جنسية ..
============
قلنا إن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
ويكون هذا الاتصال أساسًا للنظام العائلي ..
ولهذا السبب خلق الله تعالى الطفل البشري أضعف وأعجز من نتاج سائر الحيوانات ..
فتجده يحتاج - بخلاف الحيوانات الأخرى - إلى رعاية والديه وتربيتهما لسنين طويلة ..
ويتأخر فيه نشوء القوة والأهلية لكسب القوت والاعتماد على النفس في المعاش والرزق ..
وهذا مما يراد به ألا ينحصر اتصال الرجل والمرأة في التعلق الجنسي فقط ..
بل تحملهما نتيجة هذا التعلق على التعاون في أمور الحياة وتربية الأولاد ..
ولهذا كذلك فطر الله الإنسان أحنى على أولاده وأكثر حبًا لهم من سائر الحيوان ..
فالحيوانات تفارق أولادها بعد أن تربيها لفترة ، ثم تنقطع بينهما الأسباب فلا يعرف بعضها بعضًا ..
أما الإنسان فيظل مأسور الفؤاد بحب أولاده ، حتى بعد انقضاء مدة التربية ..
ثم يمتد حبه هذا إلى أولاد أولاده .. إلخ ..
ويبلغ من سلطان هذا الحب أنه يحب لأولاده أكثر مما يحب لنفسه ..
ويود في قرارة نفسه أن يهييء لهم أكثر ما يحب لنفسه من أسباب المعاش ..
بل ويورثهم كل ثمرات أعماله ومجهوداته في الدنيا وخبراته وعلومه كلها ..
فها هي الفطرة تريد أن تكون الرابطة الجنسية بين الرجل والمرأة أداة لإنشاء العائلة ..
ثم تمضي هذه السلسلة من حب الأولاد والأقارب لتربط العائلات بروابط الصهر والنسب ..
فتكون هذه هي النواة لنظام المجتمع بأسره ..
============
إذن فإن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
وأن يكون هذا الاتصال بينهما أساسًا للنظام العائلي ..
وهذا النظام العائلي هو الذي ييسر للمجتمع كل ما يحتاج إليه من الآلات الميسرة لنظامه الواسع ..
فما أن يبلغ الفتية والفتيات سن البلوغ حتى يهتم رؤساء العائلة بأن يلتمسون لهم أزواجًا يوافقوهم ..
حتى ينتجوا بتواصلهم نسلاً أعلى وأجود ..
ثم متى أنسلوا نسلاً يجتهد كل عضو من أعضاء العائلة أن يربيه أحسن تربية ..
فيجد الطفل في محيط العائلة بيئة من العطف والحب والحنان والرعاية والتعهد تكون عاملاً على سلامة نموه ..
ولا يوجد خارج محيط العائلة أي بيئة تساهم في نمو الطفل نموًا سليمًا بدافع الحب والإخلاص المجرد ..
بل الأبوان يحبان أن يجدا الأولاد في حال أحسن من حالهما وعلى مكانة أرقى من مكانتهما ..
فيجتهدان من تلقاء نفسيهما أن يجعلا الجيل اللاحق أحسن من الجيل السابق ..
ويمهدان بذلك سبيل الارتقاء في سلم المدنية والحضارة ..
وهذا الجهد والسعي من الأبوين لا تشوبه شائبة من أثرة أو منفعة ذاتية ..
فهما لايريدان شيئًا لنفسيهما ، وإنما يريدان فلاح أولادهما ويعتبران نجاحهم جزاءً وافيًا لمجهوداتهما ..
فبالله عليك ، أين يمكن أن تجد خارج النظام العائلي أمثال هؤلاء العاملين المخلصين والخادمين الأوفياء ..؟!
فهم لا يكتفون ببذل هذه الخدمات للجيل اللاحق بدون أجر ..
بل هم يبذلون لهذه الخدمة كل ما يملكون من الوقت والراحة والقوة والمال وتحري الإتقان ..
ويضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الأمر الذي لا تنفعهم ثمراته ..
بل يجني ثمرات هذا المجهود البالغ غيرهم ..
============
مما هو بديهيٌ ومعلومٌ أن المقصود من خلق الإنسان زوجين وخلق الجاذبية الجنسية هو بقاء النوع ..
لكن الواقع أن الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تطالب الإنسان بهذا فقط ..
بل هي تطالبه بأمورٍ أخرى ..
فمما يلفت النظر في هذا الصدد كون الطفل البشري أضعف من سائر الحيوانات ..
وهو يحتاج وقتًا أكبر وعنايةً أبلغ لأجل رعايته وتربيته وتنشئته ..
فهو يحتاج لمجرد قضاء حاجاته الحيوانية المحضة بنفسه لعدد كبير من الأعوام ..
بل هو يبلغ من الضعف والعجز أنه لا يمكن أن يحيا ويعيش في سنواته الأولى دون رعاية فائقة ..
لكن الإنسان مهما كان بدائيًا ، فلابد له من درجة ولو يسيرة من الحضارة والمدنية ..
وهذه الحضارة أو المدنية تضيف إلى واجبه من تربية الأولاد أعباءً إضافية ..
منها: أنه ينبغي له أن يستعمل لتربية ولده كل ما يتيسر له من وسائل الحضارة ..
ومنها كذلك: أنه يربيه تربية تؤهله لتدبير شئون المجتمع على نفس المستوى الحضاري الذي ولد فيه ..
فالأب يعلم ولده كل شيء بداية من القراءة والكتابة وكيفية فتح باب الشقة بالمفتاح حتى قيادة السيارة واستعمال الكمبيوتر ..
وكلما كانت الحضارة أكثر تمدنًا ورقيًا كانت الأعباء التربوية والتعليمية أثقل وأبهظ ..
ثم إن الحضارة لا تكتفي بالأفراد ذوي الثقافة العالية والإمكانيات العالية لقيامها وبقائها ..
بل هي تتطلب كذلك أن يكون كل جيلٍ لاحقٍ أعلى رتبةً وأكمل مهارةً من الجيل السابق ..
أي: تتطلب من كل أبٍ أن يربي ولده تربية أحسن من تربيته وأن ينشئه تنشئة خير من تنشئته وأعلى من مستواه ..
فتأمل ..!
هذه هي مطالب الحضارة والمجتمع المتمدن ..
وأول من تتوجه له هذه المطالب هو المرأة ..!
وذلك أن الرجل قد يكون منه أن يتصل بالمرأة ساعة من الزمن ، ثم يبتعد عنها بعدها ..
فينأى الرجل بنفسه عن تبعة هذا الاتصال ، ويكون على المرأة أن تتحمل هذه التبعة طول عمرها ..
فإنها إذا حملت فسوف يكون عليها واجب العناية والرعاية لهذا الطفل ..
ثم هي تتحمل كل تبعات تربيته وتنشئته حتى يصبح قادرًا على الكسب وتدبير معاشه ..
فكيف يكون لطرف واحد أن يتحمل كل تبعات وأعباء هذا الاتصال الذي اشتركا فيه جميعًا ..؟!
لهذا وجب على الرجل الذي اتصل بامرأة أن يتحمل نصيبه من الأعباء والتبعات الناتجة عن هذا الاتصال ..
لكن كيف يمكن إقناعه بتحمل هذه المسئولية الباهظة وقد جُبل المرء على حب المصلحة الشخصية ..؟
فالواجب الطبيعي من الحفاظ على النوع ، فقد تم تحقيقه بمجرد الاتصال الجنسي فالحمل فالإنجاب ..
وهنا ينتهي دور الرجل الطبيعي ..!
ثم ما الذي يدفع الرجل لتحمل مصاريف هذا الطفل النكد ..؟
وما الذي يدفعه ليحرم نفسه من النومة الهنيئة بصراخ هذا الخبيث في جوف الليل ..؟
ثم ما الذي يدفعه لترك هذا الشيطان الصغير يحبو في البيت عابثُا بكل ما فيه ومحطمًا ما تطاله يداه ..؟
ثم هو بعد ذلك يترك بوله وبرازه في كل مكان بالشقة ولا يفلح فيه نهي ولا زجر ..!!!
إن الله تبارك وتعالى قد حلّ هذه المشكلة جزئيًا بأن جعل في هذا الصغير قوةً عارمةً ، ألا وهي حب أبويه ..
وهذا رغم حماقاته المستفزة وخسائره في كل مكان بالبيت ..!
لكن هذا أيضًا لا يكفي لما في طبع الرجل من الأثرة والأنانية وحب مصلحة الذات ..
فما الحل إذن ..؟؟
إنها من معجزات الدين حقًا أنه يحض الإنسان على التضحية والإيثار لأجل بناء الأسرة ..
وأنه يحول هذا الكائن الأناني إلى إنسان يعمل على تشكيل الأسرة وبناء المجتمع ..
وإن الأنبياء والمرسلين هم الذين فهموا مقاصد الفطرة وآليات تأسيس المجتمع فهمًا صحيحًا ..
فقرروا الصورة الصحيحة للعلاقة بين الرجل والمرأة ، وهي النكاح ..
وهم الذين جرت على أيديهم سنة النكاح في كل أمة وشعب ..
وهم الذين أعدوا الإنسان لتحمل متاعب الحياة ومصاعبها ..
وإلا فمن أحق بأن يكون عدوًا للطفل من أبويه ..؟!
وعلى هذه القواعد التي وضعها الأنبياء والرسل تأسس النظام الأسري التي يربط الرجال والنساء برباط المسئولية والمشاركة ..
وإلا فإن الشهوة العارمة لا يقف أمامها مجرد الالتزام الأدبي ..
إن غريزة الشهوات تنزع إلى الفردية والأنانية والفوضى ، وليس فيها ثبات ولا شعور بالمسئولية ..
وليس فيها إلا الاندفاع لتلبية نداء اللذة المحمومة ..
وليس من الهين تسخير هذه الرغبة المسعورة لخدمة مصالح الحياة التي تتطلب الصبر والثبات وتحمل المسئولية ..
فليس غير قانون النكاح يذلل هذا السعار وينزع منه الخبث والفوضى والأثرة والأنانية ..
حتى يجعله أداة لتعان الرجل والمرأة وتشاركهما في تحمل أعباء الحياة وإعمارها ..
============
يتضح مما سبق أن المقصود بهذه الرغبة الجنسية العارمة المركوزة في جسد الإنسان هو صرف فردية الإنسان إلى الجماعية ..
وأن الله تعالى قد جعلها قوة محركة لبناء المجتمع ثم ارتقائه في سلم الحضارة والمدنية ..
فبهذا الانجذاب الدائم والتواصل المستمر تكون بداية الحياة الاجتماعية ..
ثم إن الجنس البشري يحتاج لأجل بقائه وارتقائه إلى ملايين من الأزواج الذين يتقدمون للقيام بهذه الخدمة ..
أي: خدمة بناء الأسرة ، راضين مختارين ..
فيتعاقدون بينهم بالزواج ويؤسسون المزيد من الأسر ..
فهذا المعمل الإنتاجي العظيم ما كان ليجري ما لم يظل هؤلاء العاملون المتطوعون يتقدمون بانتظام لهذه المهمة ..
وإذا انقطعت سلسلة هذا التطوع ، انقطع سبيل رقي المجتمع بل حتى بقائه ..
فمن يعمل في هذا المجتمع ليست وظيفته أن ينتج فحسب ..
بل واجبه أن يعني بإنتاج أمثاله من العاملين الذي يقومون مقامه من بعده ..
فأنت إن تدبرت الأمر من هذه الجهة وجدت أن الزواج لا يمثل فقط السبيل الشرعي لإرواء الرغبة الجنسية ..
بل هو في الواقع فريضةٌ جماعيةٌ ، وحقٌ أصيلٌ للجماعة على الفرد ..
وليس للمرء أن يختار إن كان سيتزوج أم لا ، لأن من يرفض المشاركة في بناء الأسرة هو طفيلي على مجتمعه ..
لأن ما من فرد في المجتمع إلا وقد استفاد من هذه الثروة العظيمة التي هيأتها له الأجيال السابقة ..
ولم يكن له أن يوجد وينشأ نشأة سليمة إلا بفضل النظم والمؤسسات التي أسسها هذا المجتمع ..
فهو في هذا كله يأخذ ولا يعطي ، والمجتمع يربيه وينشئه بغرض أن يقوم بنفس الدور مستقبلاً ، فلا يفعل ..!
ثم هو بعد أن يشتد ساعده يقول : لن أفعل إلا أن أشبع شهواتي فحسب دون مسئوليات ..
فهذا غادرٌ بالجماعة عدوٌ لها ، وكل حياته بين الجماعة ظلمٌ وعدوانٌ ..
ولو كان للجماعة حسٌ أو شعورٌ لرجمه كل فرد فيها عيانًا جهارًا بدلاً من أن يدعوه بالسيد أو الأستاذ أو الآنسة ..!
فإننا بلا شك قد توارثنا كل هذه الثروة التي منحتها لنا الأجيال السابقة - بإرادتنا أو بدونها ..
فكيف يجوز لنا الآن أن تكون لنا الحرية في أمر هذا القانون الفطري الذي كان سبب تنعمنا وميراثنا ..؟
كيف يمكن أن تكون لنا الخيرة في تفعيل هذا القانون من عدمه ..؟
كيف تكون لنا الخيرة في أن نعد الجيل الذي يرث هذه الثروة أو لا نعد ..؟
كيف تكون لنا الخيرة قي أن نربي نفوسًا أخرى كما تربينا أو لا نربي ..؟
ولنضرب أمثلة تقرب المسألة إلى الأذهان :
فالطبيب الذي استفاد من علوم وبحوث ودراسات الأجيال التي سبقته من الأطباء والعلماء والباحثين لا يحق له أن يكتم علمه عن الأجيال التالية من الأطباء ..
بل واجبه أن يعلمهم ويسقيهم كل علومه وخبراته ومهاراته ..
فإن استأثر الطبيب بعلمه وضن به على طلابه ومساعديه نبذوه وانفضوا من حوله ..
لأنه إن كرّس كل علمه لأجل عيادته الخاصة وحرم غيره من الأطباء منه كان غير مرحبٍ به في المحافل والمؤتمرات الطبية ..
ويظل بين أهل مهنته مذمومًا منبوذًا ..
كذلك إن ظن حرفيّ بمهارات حرفته عن مساعديه ومعاونيه وصبيانه لانفضوا من حوله ..
وهكذا في كل من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ..
فلا يلقى التقدير والاحترام والاعتبار إلا عند من لا خلاق له ..
============
يتبين من هذا الأمر أن مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة هي مسألة جوهرية للمجتمع بأسره ..
ويتوقف عليها صلاح المجتمع من فساده ، سلامته من انهياره ، خيره من شره ..
فإن - في ضوء ما قررناه - بين الجنسين نوعين من العلاقة :
علاقة حيوانية محضة جنسية شهوانية خالصة ، ليس المقصود منها إلا بقاء النوع ..
وعلاقة إنسانية يراد بها تعاون الزوجين في بناء الأسرة وتربية الأولاد وكل ما يشتركان فيه من الأغراض ..
بحسب ما أوتى كل منهما من الموهبة والقدرة والكفاءة ..
والمقصود بهذه العلاقة الإنسانية القيام بما ينفع المجتمع ويساهم في ارتقائه سلم الحضارة درجةً بعد درجة وجيلاً بعد جيل ..
وهذان العنصران من العلاقة الزوجية ممتزجان بصورة معتدلة ..
فإذا اضطرب هذا الاعتدال بينهما كان الفساد ممتدًا إلى المجتمع بأسره ..
لهذا كله فإن أهم ما يهمنا في هذا المقام الجليل هو كبح جماح الرغبة الجنسية والحد من طغيانها ..
خاصة أن العالمَ زاخرٌ بمالا يعد ولا يحصى من أسباب تهييج وإثارة الشهوة ..
فهذه الشهوة لو انشغل بها الإنسان وسعى في تحصيل اللذة منها لوجد أن هيامه الجنسي يزداد ويشتد ..
حتى أنه إذا تيسر له فرص إروائه وتسكينه ، فإنه لا يلبث أن يعود أكثر فحشًا وتوحشًا ..
حتى يتجاوز حد الاعتدال ..!
وتكون النتيجة أن البهيمية الجامحة في أعماقه ستلتهم إنسانيته ، بل ومجتمعه كذلك ..!
فإن الله عز وجل جعل الاتصال الجنسي لذيذًا ممتعًا لتحقيق مقصد معين وهو تشكيل الأسرة وبناء المجتمع والرقي المتواصل إلى أعلى ..
وليس المقصود من هذه اللذة أن تكون هدفًا وغايةً ومقصدًا ..
أما شغف الإنسان بهذه اللذة متجاوزًا حد القصد والاعتدال وانهماكه في طلبها فهو سبب البلاء ..
ففي بيئة طافحة بالطغيان الجنسي والتهييج المتواصل والسعار المستمر لابد أن يضعف النسل وتفسد الأبدان ..
فضلاً عن شرود الأذهان وتبعثر الأفكار وكثرة الفواحش وانتشار الأمراض الجنسية ..
ثم تقوم الحركات المختلفة لمنع الحمل وإسقاطه ، وقتل الأولاد ..
وهكذا في هاوية تبلغ بالمجتمع إلى الحضيض الخلقي والفكري والبدني ..
============
وبجانب الزواج وتأسيس الأسرة ، ينبغي كذلك سد باب قضاء الشهوة خارج حصن الزواج ..
لأنه لا يمكن أن يتحقق المقصد الفطري الإنساني الإجتماعي دون ذلك ..
فإن كثيرًا من الناس يعدون فعل الزنا أمرًا عاديًا لا ينبغي الإنكار عليه أو مكافحته ..
ويرون أن من الطبيعي أن يقع الاتصال الجنسي بين أي رجل وأي امرأة كلما اشتهياه وتراضيا عليه ..!
ذلك أنهم زعموا الإنسان حيوانًا محضًا ، وليس في العملية الجنسية إلا التوالد والتناسل وبقاء النوع ..
فمذهبهم هذا يعود بالضرر البالغ الجسيم على الجانب الإنساني والاجتماعي من الإنسان ..
فهو لا يسمح بتأسيس الأسرة ولا بناء المجتمع ولا رقيه وتمدنه كما سبق ووضحنا ..
فضلاً عن كونه يعود بالضرر كذلك على الطبيعة الحيوانية ..
لأن الرجل لا يقوم بكفالة الطفل إلا إن كان على ثقة من أنه من صلبه ..
فهو لن يتكلف في تربيته الجهد والإيثار والتضحية إن لم يكن على يقين بذلك ..
فضلاً عن أن المرأة إن لم تكن على يقين من استعداد الرجل لكفالتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل والرضاعة وتربية الطفل ..
فإذا نظرنا إلى هذه الجوانب وجدنا أن الرجل والمرأة سوف يتنصلان من هذا الطفل الجديد ..
إذن فلا داعي لإنجابه أصلاً ، فلا تكون غاية الاتصال الجنسي هي التوالد والتناسل ..
بل تكون غايته بينهما هي مجرد التلذذ والتمتع ..
وهذا مخالفٌ لمقصود الفطرة الحيوانية أصلاً ..!
============
وقد يقول بعضهم ما الضير في اثنين يقضيان بعض ساعاتهما في المتعة والسلوة ..؟
أي ضير يقع على المجتمع حتى يتدخل بينهما ..؟
فإذا انحصر الأمر بين ضخصين في تمتع أحدهما بالآخر فأي مبرر للمجتمع حتى يحول بينهما ..؟
وإذا جاز التدخل في مثل هذه الشئون الداخلية جدًا ، فما الذي يبقى من معاني الحرية الشخصية ..؟!
هذا التصور للحرية الشخصية هو من ظلمات الباطل التي تتبدد مع أول إشراقة لشمس الحق ..
فإنه قد صار من المحقق علميًا الآن أن المجتمع عبارة عن نسيج مترابط متشابك لأبعد الحدود ..
وقد اشتبكت فيه حياة كل فرد بغيره من الأفراد سواء عرفهم أم لم يعرفهم ..
حتى أنه لم يعد يتصور أي فعل شخصي إلا وتعود آثاره على المجتمع بأسره ..
وهذا أمر معروفٌ علميًا بما يسمى تأثير الفراشة Butterfly Effect ..
فكما أنه لا يجوز للمرء أن يحمل عصاته الخشبية في زحام السوق ويديرها في الهواء كيف يشاء ..
ولا أن يقود سيارته بغير حيطة أو حذر ..
كذلك لا يجوز له أن يفعل أمرًا إلا بعد تقيده بالضوابط الإجتماعية المبنية على العلم بالعواقب ..
وللجواب التفصيلي على هذا السؤال عدة وجوه نذكر بعضها حسب الاستطاعة والله المستعان ..
الوجه الأول :
إن أول ما يجنيه الزاني على نفسه هو أن يعرض نفسه للإصابة بالأمراض الجنسية ..
وهو مما ينقص من قواه في خدمة مجتمعه ..
فإن المجتمع قد أقام جميع المؤسسات من البلدية إلى الدولة ، ومن المدرسة إلى الجندية ، ومن المصنع إلى معامل البحث العلمي معتمدًا على أن كل فرد من أفراد هذا المجتمع سوف يؤدي نصيبه المفروض لأجل إحكامها وترقيتها ..
فلما جاء هذا الغادر يبدد قوته وطاقته في هذا العمل الدنيء ..
ثم ابتلى بالأمراض الذي سوف تعيقه عن مسيرته الطبيعية في تنمية المجتمع ..
ثم هو يحتاج إلى الرعاية الطبية والصحية حتى يشفى مع ما في ذلك من تكاليف وأعباء على الدولة ..
فهو بذلك قد أضر مجتمعه ضررًا بالغًا ليس بهين ..
لأن مكانة الفرد في المجتمع إن فهمت حقيقتها حق الفهم ، لم تشك أن كل قوة المودعة في أجسامنا ليست لنا فقط ..
بل هي وديعة للمجتمع كله عندنا ، ونحن مسئولون عنها ..
فنحن حين نهلك نفوسنا أو نبدد قوانا أو نضر بأنفسنا من سيئات أعمالنا ، فلا يكون هذا فعل من أضاع شيئًا يملكه أو أضر بشيء له فيه مطلق التصرف ..
بل هو خيانةٌ فيما اُئتمنا عليه للمجتمع البشري ، وإضرارٌ بالغٌ به ..
ذلك أن وجودنا في هذا العالم يشهد أن غيرنا تحملوا الأعباء والتبعات والمشاق لإخراجنا من الظلمات إلى النور ..
ثم جاء نظام الدولة يرعانا ويصون نفوسنا من التلف ..
وبقيت أقسام الرعاية الصحية الحكومية تعمل لحفظ حياتنا وصحة أبداننا ..
ثم توفرت آلاف مؤلفة من الأنفس على توفير احتياجاتنا ولوازم حياتنا ..
وتعاملت جميع المرسسات الإجتماعية لتنشيء قوانا وتربي ملكاتنا حتى جعلتنا على ما نحن عليه الآن ..
أليس من العدل - في هذه الحالة - مقابلة الحسنة بالحسنة ..؟
أم هو الإنصاف أن نعود فنضيع كل هذه القوى الذي بذل غيرنا كل هذه الجهود والخدمات لإيجادها وإبقائها وتنشئتها وتنميتها ..؟!!
أو نعود فنجعلها مضرة بالإنسانية بدلاً من أن تكون مفيدة لها ..؟
لهذا حرم الله الإنتحار ، واللواط ، وأن ينكح المرء يده ..
ولهذه العلة لا يعتبر الزنا متعة فردية ، بل هو ظلمٌ للمجتمع كله ..
ثم إن الزاني لا يصاب بالمرض الجنسي وحده ، بل يصيب به غيره ..
فيتعدى الضرر إلى الآخرين ..
ثم هو ينتقل إلى أولاده وأولاد أولاده ، فيعانون بلا ذنب جنوه ..
وهذه من أهون ثمرات اللذة المحرمة ..
الوجه الثاني :
إن لم يكن حتميًا ابتلاء الزاني بالأمراض السرية ، فمن الحتمي اللازم ابتلاؤه بالسفاسف الخلفية ..
فالوقاحة والخديعة والكذب والدغل والأثرة والخضوع للشهوات وجموح النفس وشرود الفكر وذواقية الطبع وتطلعه إلى كل جديد والغدر وقلة الوفاء كلها من آثار الزنا التي تترتب على أخلاق الزاني نفسه ..
ومما لا ريب فيه أن من يجمع هذه الخصال لا تنحصر آثارها في شئونه الجنسية فقط ..
بل هو يتحف المجتمع كله بها في كل شعبة من شعب الحياة ..
وإن تفشت هذه الخصال في كثرة كاثرة من المجتمع فلا ريب أن تفسد الآداب والعلوم والفنون والمهن والصناعات والاقتصاد والعسكرية والسياسة والقضاء وتدبير الدولة ..
وفي النظام الديمقراطي المؤسس على حكم الشعب لنفسه فإن هذا الشعب إن كانت هذه الخصال بادية فيه ومتفشية فكيف يكون في سياسته ثباتٌ أو قرارٌ ..؟!
الوجه الثالث :
إن مما تستلزمه إباحة الزنا أن تجري في المجتمع حرفة البغاء ..
وذلك أن من يرى للرجل أن يمتع نفسه بلذات الشباب فكأنه يرى أن تكون في المجتمع لهذا الغرض طبقة من النساء ..
ولكن من أين تأتي أولئك النساء ؟ ألا يخرجن من نفس المجتمع الذي يعيش فيه الزناة ..؟
ألا يكن من بناته وأخواته ..؟
فتنفر طائفة من النساء بدلاً من أن تكون ربة منزل أو مؤسسة أسرة أو مربية أولاد ليكن كمراحيض البلدية موضع قضاء وطر كل داعرٍ خليعٍ ..
فيتجردن من كل الخصال النسوية الشريفة ويتدربن على التكسب بالخلاعة والتمايل والدلال ..
وينحدرن إلى أن يبعن محبتهن وقلوبهن وأجسامهن لكل زائرٍ جديدٍ في كل ساعة ..
ويبقين مدة أعمارهن في هذه المهنة الوضيعة بدل القيام بخدمة نافعة مثمرة للمجتمع ..
الوجه الرابع :
إن إباحة الزنا تضر بنظام الأسرة حتى يؤول الأمر إلى أن يزول الزواج ويبقى الزنا وحده ..
لأنه لا يجوز في العقل والنظر أن تسمح بركوب القطار مثلاً دون تذكرة ثم تتوقع من الناس في نفس الوقت أن يدفعوا ثمن التذكرة ..!
فلا يعقل أن يباح للمرء أن يقضي شهواته دون تحمل للتبعات ، ثم تنتظر منه أن يتحمل هذه التبعات ..
فضلاً عن أن الميالين للزنا قلما يصلحون لتأسيس علاقة زوجية صحيحة ..
لأن السلوك الفاسد يبعث في نفوسهم سوء الدخيلة وفجور النظر وذواقية الطبع وتشرد الفكر ..
كما يربي فيهم من تقلب العواطف وعدم ضبط الشهوات ما يكون معه المرء غير قادر على إقامة مؤسسة الأسرة التي تبنى على الثبات والرسوخ والاستقرار في الفكر والقلب ..
فهؤلاء إن ارتبطوا برباط الزواج فلن تتحق بينهم صلات حسن المعاملة والمحبة والوفاء والثقة والانسجام والمواءمة ..
ولن يعودوا قادرين على إنشاء البيت المعمور بالراحة والسعادة ..
وبالتالي لن يكونوا قادرين على إنشاء جيلٍ يتمتع بالصفات اللازمة للتمدن والرقي ..
الوجه الخامس :
إن إباحة الزنا وترويجه لا تقطع دابر العمران الحضاري فحسب ..
بل تستأصل النسل الإنساني كذلك ..
ذلك أن الفطرة تتطلب أن يكون للعلاقة الجنسية ثباتٌ واستقرارٌ حتى يشترك الأبوان في تربية الطفل ..
لكن الرجل إن لم يكن على يقين من كون الولد من صلبه لم يتكلف في تربيته ورعايته الوقت والجهد والمال والتضحية الإيثار ..
ولا يرضى لهذا الولد أن يرثه من بعده ..
كذلك المرأة إن لم تكن على يقين أن الرجل الذي يعاشرها مستعد لكفالتها والقيام برعايتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل ..
كذلك إن لم يتعاون الأبوان على تنشئة الطفل ، لم يمكنه أن يبلغ في تعليمه مبلغًا نافعًا لتقدم المجتمع وتحضره ..
كل هذه هي مقتضيات الفطرة الإنسانية ..
فإذا أهملها الرجل والمرأة وسعيا إلى مجرد المتعة والتلذذ ، كان الإتيان بنسل وذرية عبئًا وهمًا يتهرب الطرفان منه ..
فتكون النتيجة المباشرة هي انتفاء التوالد والتناسل أيضًا ..
لأن كلاً من الرجل والمرأة لا يريد أن يتحمل أعباء هذا الطفل ..
فلا ينجبونه أصلاً ..
وفي هذا قطع دابر النسل البشري ..!
الوجه السادس :
إن الأولاد الناتجين عن الزنا لا يكونون على نفس مستوى التفوق والكفاءة والنفع للمجتمع كأولاد الأسر المحترمة ..
لأنه في البداية لا يأتي أبويه كشيء محبوب مطلوب ..
بل ينزل عليهما نزول النكبة المفجعة ..!
ثم هو يفقد في أغلب أحواله عطف الأبوة ورعايتها ..
ولا تتيسر له إلا تربية الأم المفتقرة لدور الأب ..
حتى هذه التربية يخالطها الضجر والإعراض والتذكير باليوم الأسود الذي عرفت فيه أباه ..!
ثم هو كذلك لا يتمتع بالجو العائلي الذي يخلقه حب الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن يليهم من ذوي القربى ..
لهذا فلا عجب أن يخرج إلى المجتمع إنسانًا غير سوى ..
فلا تكون له سيرة صحيحة في الناس ، ولا تتجلى فيه كفاءات معتبرة ، ولا تتوفر له سبل التقدم والتفوق ..
فيكون في نفسه ناقص الإنسانية ، فاقد الحمى والنصير ، مظلومًا مدحورًا ، إن لم يكن مجرمًا شقيًا ..!
فيكون لمجتمعه نكدًا عقيمًا ، إن لم يكن حربًا ووبالاً ..!
وهل تكون الشخصيات الـantisocial والـpsychopathic إلا من هذا النتاج ..؟!
وقد يرى البعض أن يكون هناك نظامٌ قوميٌ لتنشئة الأولاد وتربيتهم وتعليمهم ..
فيولدهم الآباء والأمهات بالعلاقات الجنسية الإباحية ، ثم يلتقطهم هذا النظام القومي للتربية والتعليم ..
وهكذا تتوفر حرية الزنا وإباحية الجنس ، وتتحق مقاصد التناسل وتربية الأولاد وتعليمهم ..
لكن هذا النظام الاجتماعي للتربية والتعليم يحتاج إلى معلمين أكفاء يقومون عن المجتمع بواجب التربية والتنشئة ..
ولا ريب أنه لا يصلح لهذه التربية والتنشئة من المعلمين إلا الذي يتصفون بضبط العواطف والأهواء ، والوقوف عند حدود الأخلاق ..
وإن لم يكن المعلمون كذلك ، لم يستطيعوا أن يربوا النشء على الالتزام الخلقي ..
فقل لي بالله عليك : من أين ستأتي بهؤلاء المعلمين في مجتمع اتخذ الزنا والإباحية شرعةً ومنهاجًا ..؟!
وإذا كنت لم ترد بهذا النظام الاجتماعي إلا أن تطلق عنان الشهوات بين الرجال والنساء في المجتمع ..
وأن تجردهم بهذا من الالتزام الأخلاقي وضوابط الشهوات ..
فكيف إذن - بالله عليك - ترجو أن تتخذ منهم معلمين ومربين ..؟!!
وأنّى لك أن تجد في مجتمع العميان نفرًا من المبصرين ليعلموا الأجيال الناشئة سلوك سبيلهم بعيون بصيرة ..؟!
============
هذه من وجوه قبح الزنا والإباحية عقلاً ..
راعيت فيها أن تكون على مقتضى العقل والنظر ..
وتحاشيت فيها الإشارة إلى وجوه الضرر القلبية والروحية كالبعد عن الله وضعف إرادة الطاعات وإلف المعصية ومرض القلب ..
فضلاً عن ضياع الغيرة وذهاب الحياء وهوان الكرامة وعمى البصيرة وفساد العقل ..
فضلاً عن زوال النعم ومحق البركة ونزول اللعنة وظهور الفساد في البر والبحر ..
إلى آخر عقوبات الزنا المعروفة والمعتبرة شرعًا وقدرًا ..
وإنما اقتصرت على التقبيح العقلي لبيان عمق الحكمة وقوة الحجة في تحريم الزنا والإباحية ..
وأن ضرر الزنا ليس شيئًا يقتصر على فرد أو أفراد ، بل يمتد إلى سائر المجتمع ..
وأنه إن كان الناس يستعظمون جرائم كالسرقة والقتل والنهب لا ينال ضررها إلا فرد أو أفراد ..
فالأولى عدم التهاون في جريمة الزنا والفحشاء ..
لأن ضررها يستاصل شأفة المدنية والحضارة والمجتمع بأسره ..
ولو أن الناس يتبعون العقل والعلم بعواقب الأمور - بدلاً من الهوى والشهوات - لأدركوا جسامة كبيرة الزنا ..
============
إذا ثبت لدينا بما لا يدع مجالاً للشك قبح الزنا والإباحية الجنسية وضررهما البالغ على الفرد والمجتمع وجب إتخاذ التدابير اللازمة لمكافحتهما ..
وأول هذه التدابير :
منع الأسباب المؤدية للوقوع في الفاحشة أو الحافزة إليها ..
مثل الكتابات الإباحية أو المثيرة للشهوات ..
وكذلك الصور العارية أو المحركة للشهوة ..
إلى آخر عوامل التهييج الجنسي ..
وثانيها :
تهذيب عقلية الأفراد بالتربية والتعليم منذ الصغر ، وتنشئتهم على قبح الفاحشة ..
بحيث يعودون ينكرونها من أنفسهم بالوازع الخلقي الداخلي ، فيمنعهم هذا الوازع من ارتكابها ..
فإنه حتى مع توافر السبب أو الحافز أو الداعي للفاحشة يكون الضمير الداخلي كابحًا لجماح الشهوة ..
وثالثها :
تحريض الرأي العام والعقل الجمعي ضد هذه الفاحشة ..
بحيث يصير عامة الناس يعتبرنها عارًا ومخزاةً ..
وفائدة الرأي العام أنه يردع من نقصت تربيته أو ضعف فيه الوازع الداخلي فيزعه المجتمع ..
فهو خط وقائي ثانٍ يلي تنمية الوازع الداخلي ..
ورابعها :
فرض العقوبة الرادعة لمن يرتكب الفاحشة أو يقع فيها ..
والغرض الردعي من فرض العقوبة واضحٌ لا مراء فيه ..
فهناك من الناس من لا تزعهم ضمائرهم ولا مجتمعاتهم ، فتردعهم العقوبة المقررة ..
وخامسها :
إقامة الموانع والعقبات في سبيل هذه الفاحشة ..
فيتم تقييد العلاقات الجنسية بما يقوم في وجهها كالسد المانع ..
كمنع اختلاط الجنسين في الحياة العامة وفرض الحجاب الشرعي على المرأة ..
فمن لا يردعه ضميره الداخلي ، ولا يردعه إنكار المجتمع ، ولا حتى يأبه للعقوبة المقررة ، فهذا تعوقه وتمنعه هذه التدابير ..
فيكون الوقوع في الفاحشة عسيرًا حتى على المقبل عليها بلا اكتراث لأي وازع أو رادع ..
وفي نفس الوقت تتم إزالة الموانع والعقبات من سبيل النكاح بحيث يتم تيسيره على مستوى النظام المدني والأعراف المجتمعية ..
هذه التدابير الوقائية هي مما يشهد بضرورته العقل وتقتضيه الفطرة ..
ومما تعمل به المجتمعات فعلاً ، فلا توجد دولة متحضرة إلا وتستخدم هذه التدابير ضد ما تعتبره جريمة ..
فإذا كان من الثابت أن الفاحشة مهلكة للنسل وقاطعة لدابر المجتمع ، فلا مناص من التسليم بضرورة هذه التدابير ..
بالضبط كما تقام التدابير الوقائية ضد جرائم السرقة والسطو والقتل وقطع الطريق ..
============
ومن الناس من يقر ويسلم بقبح الزنا والإباحية الجنسية ، لكنهم يرون أن المكافحة ينبغي أن تقتصر على الإصلاح الفردي الباطني ..
فيكون لكل امرءٍ من نفسه الوازع الكافي والضمير الرقابي والالتزام الخلقي بما يمتنع به عن ارتكاب الفاحشة ..
أما اللجوء إلى قانون العقوبات وتدابير فصل الجنسين إلى آخرها ففيه حط من قيمة الفرد بمعاملته كالطفل الصغير ..
بل المفترض أن يتم تهذيب الأفراد وتربيتهم بما يجعلهم يحترمون قوانين المجتمع دون رقابة أو وصاية أو عقاب ..
فنرد على هؤلاء بسؤال صغير :
هل بلغت الإنسانية هذا المستوى الراقي من التهذيب والتربية بحيث يمكن الاعتماد عليها دون قوانين أو عقوبات ..؟
وهل بلغ أي مجتمع في الشرق أو الغرب هذا المستوى الرفيع الذي يعتمد على ضمائر الناس فقط لا غير ..؟
ألا تتأملون حال أرقى الدول في هذا العالم والتي تتباهى بأن جميع أفرادها متعلمون مثقفون فتخبروني :
هل منع التهذيب والتربية والتعليم ارتكاب الجرائم ونقض القوانين ..؟
ألا تحدث في هذه البلاد جرائم وحوادث السرقة والقتل ..؟
ألا يرتكب الناس في هذه البلاد الغش والخديعة والظلم والإفساد في الأرض ..؟
هل استغنت هذه الدول عن الشرطة والمحاكم والسجون والمؤسسات الرقابية المالية والإدارية ..؟
هل هذا كله في الدول الراقية والمتقدمة يعني أن حكوماتها تعامل شعوبها كالأطفال الصغار أو أنها تحط من قيمة أفرادها ..؟
فما بالكم تعترضون على قانون العقوبات في هذه المسألة وحدها دون غيرها ..؟
أليس من غير المقبول التفرقة بين المتماثلين وقد ثبت ضرر فاحشة الزنا على الرقي والحضارة والمجتمع والنسل بما يفوق جرائم السرقة والقتل ..؟!
============
ثم قد تجد من يعترض قائلاً إن ما تعدونه محركات للشهوة وتردون إقصاءه وإزالته هو قوام الفن وروح الأدب ..
فالصد عنه هو حربٌ على الفن والأدب في الكثير من صوره وأشكاله ..
ونحن لا نختلف مع المعترض في أهمية الفن والأدب وقيمتهما الغالية التي تتقدم بها الأمم وترتقي ..
لكن حياة المجتمع وصلاحه وفلاحه أهم منهما ..
وقد جرت سنن البشر على إقصاء عناصر الفن والأدب التي فيها ما يضر بالفرد أو المجتمع ..
انظر مثلاً إلى فن النشل وما فيه من خفة يد ولطف وبراعة ..
هل يمكن لأي مجتمع صالح أن يروج له وينشره بين الأفراد ..؟
ألا يتم إقصاء هذا الفن لأجل المصلحة العليا للمجتمع ..
وماذا عن فن التزوير من تزوير النقد إلى تزوير الوثائق والمستندات إلى تزوير التوقيعات إلى تزوير الأختام الحكومية ..إلخ ..؟
ألا يتطلب براعةً بديعةً وتفننًا عالي المستوى ..؟
فهل يستجيز عاقلٌ تنمية هذا الفن والترقي به بين أفراد المجتمع ..؟
ألا يدل هذا على أن مصلحة المجتمع تعلو فوق أي قيمة جمالية فنية كانت أو أدبية ..؟
فلو ثبت لدينا أن شيئًا من الأشياء مضرٌ بحياة المجتمع وفلاحه وصلاحه ، فلا جرم أن نقيد الفن والأدب بما يصرف هذاالضرر عن المجتمع ..
وهذه سنة البشر من قديم ..
============
ومن الاعتراضات أيضًا زعمهم أن إقامة الحواجز وضرب الحجب بين الجنسين لمنع العلاقات الجنسية المطلقة ووضع السدود دون الاختلاط هو اتهامٌ لأخلاق الناس ..
بافتراض في كل واحد منهم داعرٍ فاجرٍ ..
وفيه كذلك أن واضعي هذه القيود لا يثقون برجالهم ولا بنسائهم ..
ففيه اتهامٌ قبيحٌ لأخلاق الأفراد وإهانةٌ لكرامتهم بإساءة الظن فيهم ..
فنقول للمعترض : اعتراضك قويٌ ولا شك ..!
لكن ما كان لك أن تقصره على تدابير مكافحة الزنا والإباحية ..
بل كان الأولى لك أن تتوسع فتقول إن كل قفل على باب وكل رقم سري لخرانة وكل كلمة سر لجهاز كمبيوتر هو كذلك اتهامٌ وإهانةٌ لأخلاق الناس ..
وأنه دليلٌ على أن واضع القفل أو الرقم السري أو كلمة السر لا يثق في من حوله من الناس ..
وأنه يفترض في كل واحد منهم لصًا سارقًا ..
ولك أن تقول كذلك إن كل شرطي في البلاد يعني أن الدولة تعتبر مواطنيها أشرارًا خبثاءً لا ثقة فيهم ..
وأن كل مراقب مالي أو إداري يعني أن كل موظف مختلسٌ أو مهملٌ لا أمانة فيه ..
فما رأيك بهذا النمط في التفكير ..؟
ألا يجعلك التفكير بهذه الطريقة سارقًا قاتلاً مجرمًا متهمًا ..؟!
فهل ترى في هذا إهانة لكرامتك كما تراه في تدابير مكافحة الزنا ..؟
============
وخلاصة القول في المسألة أن كثيرًا من الناس ينكرون الزنا والفاحشة والإباحية الجنسية ..
لكن هذا الإنكار لا يبلغ منهم مبلغًا يشعرهم بضرورة إتخاذ التدابير الوقائية لسد الباب أمامهم بالمرة ..
لهذا تختلف وجهة نظرهم في أمر هذه التدابير عن وجهة نظرنا ..
ولا ريب عندي أنهم إن بينت لهم حقائق الفطرة وانكشفت لهم الأمور على وجهها الصحيح لاتفقوا معنا ..
فالإنسان ما دام فيه عنصر الحيوانية والشهوانية ، فلا يمكن لأي نظام مدني يبغي صلاح المجتمع وفلاحه أن يغفل هذا الجانب في تركيبه ..
لهذا لا ينبغي على المجتمع إهمال هذه التدابير أو التقصير في أمرها ..
والله أعلم وأحكم .
خلق الله تبارك وتعالى الزوجين الذكر والأنثى وأودع فيهما ما يجعل أحدهما يميل إلى الآخر ..
وهو المعروف بالرغبة الجنسية أو الميلان الجنسي ..
ثم إنه تبارك وتعالى ركّب في الرجل من الشهوة ما يفوق قوته وطاقته بمراحل ..
وجعل هذه الشهوة غير محدودة بحد ولا مضبوطة بضابط ..
فلا هي مقيدة بوقت من أوقات الليل والنهار ، ولا بفصل من فصول السنة ..
ثم إنه ليس في جبلة الإنسان ما يقف به عند حد معين ..
بل ركب الله من أسباب الجاذبية في الجنسين ما لا يعد ولا يحصى ..
وجعل في هيئة الجسم وتناسبه وتركيبه وأجزائه وحركاته ولفتاته ، بل في رنة الصوت ونظرة العين قوة جاذبة أخاذة ..!
وهذه كلها نوازع تحرك الشهوة وتجعل الواحد يميل إلى الجنس الآخر ..
فلماذا خلق الله تبارك وتعالى الإنسان على هذه الجبلة والنزعة العارمة ..؟
ألمجرد بقاء النوع ..؟
لا ، لأن النوع الإنساني لا يحتاج إلى كل هذا التناسل للبقاء ، فهو ليس كالسمك أو الذباب ..!
ألمجرد توفير اللذة والمتعة ..؟
لا ، لأن الإنسان لو أتى الوظيفة الجنسية بقدر عشر ما فيه من الشهوة والنزوع الجنسي لخانته طاقته ولخارت قواه ..!
وهذا أمرٌ واقعٌ بالحس والتجربة ..!
ولو حاول المرء أن يحصّل اللذة من كل شهوة تعرض له لهلك قبل أن يبلغ العشرين من العمر ..!
تأمل كيف يبذل المرء وسعه في تحصيل لذة الجماع مع زوجه مرة بعد مرة ..
حتى ينهال عرقه وتنقطع أنفاسه فيحتاج إلى الراحة في منتصف الطريق حتى تتجدد قواه فيواصل من جديد ..
ثم تصوّر هذا المجهود مع كل شهوة تثيرها نظرة أو لفتة أو ضحكة أوحتى منظر حذاء حريمي ..!!
وهذا يدل على أن سبب قوة الشهوة عند الإنسان ليس مجرد إتيان الوظيفة الجنسية ..
بل هو تقوية الرابطة بين الرجل والمرأة إلى جعلها علاقة ثابتة مطردة ..
ولأجل ذلك ركب في طبع المرأة من الحياء والاحتشام والصدود والامتناع ما يجعل الرجل مشدودًا دومًا إليها ..
فطبيعة المرأة من الصدود والامتناع فهي مما يحافظ على ثبات علاقة الرجل بالمرأة ..
لأن إقبال الرجل مع صدود المرأة يخلق توازنًا يحافظ على ثبات واطراد العلاقة ..
كما هو الحال مع قوة الجاذبية وقوة الطرد المركزي بين الأجرام ..
وفي الواقع فإن تمنع المراة ودلالها على الرجل مع شدة رغبته فيها من الأمور التي تخلب لب الرجل حقًا ..
وهي من الأسرار الإلهية التي أودعها الله تعالى في طبيعة المرأة ..
فالمقصود من هذه الجبلة الجنسية هو تحقيق الاتصال الدائم بين الزوجين فيما يعرف بنظام الأسرة ..
لا أن تكون كل العلاقة بينهما هي مجرد عملية جنسية ..
============
قلنا إن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
ويكون هذا الاتصال أساسًا للنظام العائلي ..
ولهذا السبب خلق الله تعالى الطفل البشري أضعف وأعجز من نتاج سائر الحيوانات ..
فتجده يحتاج - بخلاف الحيوانات الأخرى - إلى رعاية والديه وتربيتهما لسنين طويلة ..
ويتأخر فيه نشوء القوة والأهلية لكسب القوت والاعتماد على النفس في المعاش والرزق ..
وهذا مما يراد به ألا ينحصر اتصال الرجل والمرأة في التعلق الجنسي فقط ..
بل تحملهما نتيجة هذا التعلق على التعاون في أمور الحياة وتربية الأولاد ..
ولهذا كذلك فطر الله الإنسان أحنى على أولاده وأكثر حبًا لهم من سائر الحيوان ..
فالحيوانات تفارق أولادها بعد أن تربيها لفترة ، ثم تنقطع بينهما الأسباب فلا يعرف بعضها بعضًا ..
أما الإنسان فيظل مأسور الفؤاد بحب أولاده ، حتى بعد انقضاء مدة التربية ..
ثم يمتد حبه هذا إلى أولاد أولاده .. إلخ ..
ويبلغ من سلطان هذا الحب أنه يحب لأولاده أكثر مما يحب لنفسه ..
ويود في قرارة نفسه أن يهييء لهم أكثر ما يحب لنفسه من أسباب المعاش ..
بل ويورثهم كل ثمرات أعماله ومجهوداته في الدنيا وخبراته وعلومه كلها ..
فها هي الفطرة تريد أن تكون الرابطة الجنسية بين الرجل والمرأة أداة لإنشاء العائلة ..
ثم تمضي هذه السلسلة من حب الأولاد والأقارب لتربط العائلات بروابط الصهر والنسب ..
فتكون هذه هي النواة لنظام المجتمع بأسره ..
============
إذن فإن الطريق الذي تريده الفطرة هو أن يكون بين الرجل والمرأة اتصال أبدي بصورة النكاح ..
وأن يكون هذا الاتصال بينهما أساسًا للنظام العائلي ..
وهذا النظام العائلي هو الذي ييسر للمجتمع كل ما يحتاج إليه من الآلات الميسرة لنظامه الواسع ..
فما أن يبلغ الفتية والفتيات سن البلوغ حتى يهتم رؤساء العائلة بأن يلتمسون لهم أزواجًا يوافقوهم ..
حتى ينتجوا بتواصلهم نسلاً أعلى وأجود ..
ثم متى أنسلوا نسلاً يجتهد كل عضو من أعضاء العائلة أن يربيه أحسن تربية ..
فيجد الطفل في محيط العائلة بيئة من العطف والحب والحنان والرعاية والتعهد تكون عاملاً على سلامة نموه ..
ولا يوجد خارج محيط العائلة أي بيئة تساهم في نمو الطفل نموًا سليمًا بدافع الحب والإخلاص المجرد ..
بل الأبوان يحبان أن يجدا الأولاد في حال أحسن من حالهما وعلى مكانة أرقى من مكانتهما ..
فيجتهدان من تلقاء نفسيهما أن يجعلا الجيل اللاحق أحسن من الجيل السابق ..
ويمهدان بذلك سبيل الارتقاء في سلم المدنية والحضارة ..
وهذا الجهد والسعي من الأبوين لا تشوبه شائبة من أثرة أو منفعة ذاتية ..
فهما لايريدان شيئًا لنفسيهما ، وإنما يريدان فلاح أولادهما ويعتبران نجاحهم جزاءً وافيًا لمجهوداتهما ..
فبالله عليك ، أين يمكن أن تجد خارج النظام العائلي أمثال هؤلاء العاملين المخلصين والخادمين الأوفياء ..؟!
فهم لا يكتفون ببذل هذه الخدمات للجيل اللاحق بدون أجر ..
بل هم يبذلون لهذه الخدمة كل ما يملكون من الوقت والراحة والقوة والمال وتحري الإتقان ..
ويضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الأمر الذي لا تنفعهم ثمراته ..
بل يجني ثمرات هذا المجهود البالغ غيرهم ..
============
مما هو بديهيٌ ومعلومٌ أن المقصود من خلق الإنسان زوجين وخلق الجاذبية الجنسية هو بقاء النوع ..
لكن الواقع أن الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تطالب الإنسان بهذا فقط ..
بل هي تطالبه بأمورٍ أخرى ..
فمما يلفت النظر في هذا الصدد كون الطفل البشري أضعف من سائر الحيوانات ..
وهو يحتاج وقتًا أكبر وعنايةً أبلغ لأجل رعايته وتربيته وتنشئته ..
فهو يحتاج لمجرد قضاء حاجاته الحيوانية المحضة بنفسه لعدد كبير من الأعوام ..
بل هو يبلغ من الضعف والعجز أنه لا يمكن أن يحيا ويعيش في سنواته الأولى دون رعاية فائقة ..
لكن الإنسان مهما كان بدائيًا ، فلابد له من درجة ولو يسيرة من الحضارة والمدنية ..
وهذه الحضارة أو المدنية تضيف إلى واجبه من تربية الأولاد أعباءً إضافية ..
منها: أنه ينبغي له أن يستعمل لتربية ولده كل ما يتيسر له من وسائل الحضارة ..
ومنها كذلك: أنه يربيه تربية تؤهله لتدبير شئون المجتمع على نفس المستوى الحضاري الذي ولد فيه ..
فالأب يعلم ولده كل شيء بداية من القراءة والكتابة وكيفية فتح باب الشقة بالمفتاح حتى قيادة السيارة واستعمال الكمبيوتر ..
وكلما كانت الحضارة أكثر تمدنًا ورقيًا كانت الأعباء التربوية والتعليمية أثقل وأبهظ ..
ثم إن الحضارة لا تكتفي بالأفراد ذوي الثقافة العالية والإمكانيات العالية لقيامها وبقائها ..
بل هي تتطلب كذلك أن يكون كل جيلٍ لاحقٍ أعلى رتبةً وأكمل مهارةً من الجيل السابق ..
أي: تتطلب من كل أبٍ أن يربي ولده تربية أحسن من تربيته وأن ينشئه تنشئة خير من تنشئته وأعلى من مستواه ..
فتأمل ..!
هذه هي مطالب الحضارة والمجتمع المتمدن ..
وأول من تتوجه له هذه المطالب هو المرأة ..!
وذلك أن الرجل قد يكون منه أن يتصل بالمرأة ساعة من الزمن ، ثم يبتعد عنها بعدها ..
فينأى الرجل بنفسه عن تبعة هذا الاتصال ، ويكون على المرأة أن تتحمل هذه التبعة طول عمرها ..
فإنها إذا حملت فسوف يكون عليها واجب العناية والرعاية لهذا الطفل ..
ثم هي تتحمل كل تبعات تربيته وتنشئته حتى يصبح قادرًا على الكسب وتدبير معاشه ..
فكيف يكون لطرف واحد أن يتحمل كل تبعات وأعباء هذا الاتصال الذي اشتركا فيه جميعًا ..؟!
لهذا وجب على الرجل الذي اتصل بامرأة أن يتحمل نصيبه من الأعباء والتبعات الناتجة عن هذا الاتصال ..
لكن كيف يمكن إقناعه بتحمل هذه المسئولية الباهظة وقد جُبل المرء على حب المصلحة الشخصية ..؟
فالواجب الطبيعي من الحفاظ على النوع ، فقد تم تحقيقه بمجرد الاتصال الجنسي فالحمل فالإنجاب ..
وهنا ينتهي دور الرجل الطبيعي ..!
ثم ما الذي يدفع الرجل لتحمل مصاريف هذا الطفل النكد ..؟
وما الذي يدفعه ليحرم نفسه من النومة الهنيئة بصراخ هذا الخبيث في جوف الليل ..؟
ثم ما الذي يدفعه لترك هذا الشيطان الصغير يحبو في البيت عابثُا بكل ما فيه ومحطمًا ما تطاله يداه ..؟
ثم هو بعد ذلك يترك بوله وبرازه في كل مكان بالشقة ولا يفلح فيه نهي ولا زجر ..!!!
إن الله تبارك وتعالى قد حلّ هذه المشكلة جزئيًا بأن جعل في هذا الصغير قوةً عارمةً ، ألا وهي حب أبويه ..
وهذا رغم حماقاته المستفزة وخسائره في كل مكان بالبيت ..!
لكن هذا أيضًا لا يكفي لما في طبع الرجل من الأثرة والأنانية وحب مصلحة الذات ..
فما الحل إذن ..؟؟
إنها من معجزات الدين حقًا أنه يحض الإنسان على التضحية والإيثار لأجل بناء الأسرة ..
وأنه يحول هذا الكائن الأناني إلى إنسان يعمل على تشكيل الأسرة وبناء المجتمع ..
وإن الأنبياء والمرسلين هم الذين فهموا مقاصد الفطرة وآليات تأسيس المجتمع فهمًا صحيحًا ..
فقرروا الصورة الصحيحة للعلاقة بين الرجل والمرأة ، وهي النكاح ..
وهم الذين جرت على أيديهم سنة النكاح في كل أمة وشعب ..
وهم الذين أعدوا الإنسان لتحمل متاعب الحياة ومصاعبها ..
وإلا فمن أحق بأن يكون عدوًا للطفل من أبويه ..؟!
وعلى هذه القواعد التي وضعها الأنبياء والرسل تأسس النظام الأسري التي يربط الرجال والنساء برباط المسئولية والمشاركة ..
وإلا فإن الشهوة العارمة لا يقف أمامها مجرد الالتزام الأدبي ..
إن غريزة الشهوات تنزع إلى الفردية والأنانية والفوضى ، وليس فيها ثبات ولا شعور بالمسئولية ..
وليس فيها إلا الاندفاع لتلبية نداء اللذة المحمومة ..
وليس من الهين تسخير هذه الرغبة المسعورة لخدمة مصالح الحياة التي تتطلب الصبر والثبات وتحمل المسئولية ..
فليس غير قانون النكاح يذلل هذا السعار وينزع منه الخبث والفوضى والأثرة والأنانية ..
حتى يجعله أداة لتعان الرجل والمرأة وتشاركهما في تحمل أعباء الحياة وإعمارها ..
============
يتضح مما سبق أن المقصود بهذه الرغبة الجنسية العارمة المركوزة في جسد الإنسان هو صرف فردية الإنسان إلى الجماعية ..
وأن الله تعالى قد جعلها قوة محركة لبناء المجتمع ثم ارتقائه في سلم الحضارة والمدنية ..
فبهذا الانجذاب الدائم والتواصل المستمر تكون بداية الحياة الاجتماعية ..
ثم إن الجنس البشري يحتاج لأجل بقائه وارتقائه إلى ملايين من الأزواج الذين يتقدمون للقيام بهذه الخدمة ..
أي: خدمة بناء الأسرة ، راضين مختارين ..
فيتعاقدون بينهم بالزواج ويؤسسون المزيد من الأسر ..
فهذا المعمل الإنتاجي العظيم ما كان ليجري ما لم يظل هؤلاء العاملون المتطوعون يتقدمون بانتظام لهذه المهمة ..
وإذا انقطعت سلسلة هذا التطوع ، انقطع سبيل رقي المجتمع بل حتى بقائه ..
فمن يعمل في هذا المجتمع ليست وظيفته أن ينتج فحسب ..
بل واجبه أن يعني بإنتاج أمثاله من العاملين الذي يقومون مقامه من بعده ..
فأنت إن تدبرت الأمر من هذه الجهة وجدت أن الزواج لا يمثل فقط السبيل الشرعي لإرواء الرغبة الجنسية ..
بل هو في الواقع فريضةٌ جماعيةٌ ، وحقٌ أصيلٌ للجماعة على الفرد ..
وليس للمرء أن يختار إن كان سيتزوج أم لا ، لأن من يرفض المشاركة في بناء الأسرة هو طفيلي على مجتمعه ..
لأن ما من فرد في المجتمع إلا وقد استفاد من هذه الثروة العظيمة التي هيأتها له الأجيال السابقة ..
ولم يكن له أن يوجد وينشأ نشأة سليمة إلا بفضل النظم والمؤسسات التي أسسها هذا المجتمع ..
فهو في هذا كله يأخذ ولا يعطي ، والمجتمع يربيه وينشئه بغرض أن يقوم بنفس الدور مستقبلاً ، فلا يفعل ..!
ثم هو بعد أن يشتد ساعده يقول : لن أفعل إلا أن أشبع شهواتي فحسب دون مسئوليات ..
فهذا غادرٌ بالجماعة عدوٌ لها ، وكل حياته بين الجماعة ظلمٌ وعدوانٌ ..
ولو كان للجماعة حسٌ أو شعورٌ لرجمه كل فرد فيها عيانًا جهارًا بدلاً من أن يدعوه بالسيد أو الأستاذ أو الآنسة ..!
فإننا بلا شك قد توارثنا كل هذه الثروة التي منحتها لنا الأجيال السابقة - بإرادتنا أو بدونها ..
فكيف يجوز لنا الآن أن تكون لنا الحرية في أمر هذا القانون الفطري الذي كان سبب تنعمنا وميراثنا ..؟
كيف يمكن أن تكون لنا الخيرة في تفعيل هذا القانون من عدمه ..؟
كيف تكون لنا الخيرة في أن نعد الجيل الذي يرث هذه الثروة أو لا نعد ..؟
كيف تكون لنا الخيرة قي أن نربي نفوسًا أخرى كما تربينا أو لا نربي ..؟
ولنضرب أمثلة تقرب المسألة إلى الأذهان :
فالطبيب الذي استفاد من علوم وبحوث ودراسات الأجيال التي سبقته من الأطباء والعلماء والباحثين لا يحق له أن يكتم علمه عن الأجيال التالية من الأطباء ..
بل واجبه أن يعلمهم ويسقيهم كل علومه وخبراته ومهاراته ..
فإن استأثر الطبيب بعلمه وضن به على طلابه ومساعديه نبذوه وانفضوا من حوله ..
لأنه إن كرّس كل علمه لأجل عيادته الخاصة وحرم غيره من الأطباء منه كان غير مرحبٍ به في المحافل والمؤتمرات الطبية ..
ويظل بين أهل مهنته مذمومًا منبوذًا ..
كذلك إن ظن حرفيّ بمهارات حرفته عن مساعديه ومعاونيه وصبيانه لانفضوا من حوله ..
وهكذا في كل من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ..
فلا يلقى التقدير والاحترام والاعتبار إلا عند من لا خلاق له ..
============
يتبين من هذا الأمر أن مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة هي مسألة جوهرية للمجتمع بأسره ..
ويتوقف عليها صلاح المجتمع من فساده ، سلامته من انهياره ، خيره من شره ..
فإن - في ضوء ما قررناه - بين الجنسين نوعين من العلاقة :
علاقة حيوانية محضة جنسية شهوانية خالصة ، ليس المقصود منها إلا بقاء النوع ..
وعلاقة إنسانية يراد بها تعاون الزوجين في بناء الأسرة وتربية الأولاد وكل ما يشتركان فيه من الأغراض ..
بحسب ما أوتى كل منهما من الموهبة والقدرة والكفاءة ..
والمقصود بهذه العلاقة الإنسانية القيام بما ينفع المجتمع ويساهم في ارتقائه سلم الحضارة درجةً بعد درجة وجيلاً بعد جيل ..
وهذان العنصران من العلاقة الزوجية ممتزجان بصورة معتدلة ..
فإذا اضطرب هذا الاعتدال بينهما كان الفساد ممتدًا إلى المجتمع بأسره ..
لهذا كله فإن أهم ما يهمنا في هذا المقام الجليل هو كبح جماح الرغبة الجنسية والحد من طغيانها ..
خاصة أن العالمَ زاخرٌ بمالا يعد ولا يحصى من أسباب تهييج وإثارة الشهوة ..
فهذه الشهوة لو انشغل بها الإنسان وسعى في تحصيل اللذة منها لوجد أن هيامه الجنسي يزداد ويشتد ..
حتى أنه إذا تيسر له فرص إروائه وتسكينه ، فإنه لا يلبث أن يعود أكثر فحشًا وتوحشًا ..
حتى يتجاوز حد الاعتدال ..!
وتكون النتيجة أن البهيمية الجامحة في أعماقه ستلتهم إنسانيته ، بل ومجتمعه كذلك ..!
فإن الله عز وجل جعل الاتصال الجنسي لذيذًا ممتعًا لتحقيق مقصد معين وهو تشكيل الأسرة وبناء المجتمع والرقي المتواصل إلى أعلى ..
وليس المقصود من هذه اللذة أن تكون هدفًا وغايةً ومقصدًا ..
أما شغف الإنسان بهذه اللذة متجاوزًا حد القصد والاعتدال وانهماكه في طلبها فهو سبب البلاء ..
ففي بيئة طافحة بالطغيان الجنسي والتهييج المتواصل والسعار المستمر لابد أن يضعف النسل وتفسد الأبدان ..
فضلاً عن شرود الأذهان وتبعثر الأفكار وكثرة الفواحش وانتشار الأمراض الجنسية ..
ثم تقوم الحركات المختلفة لمنع الحمل وإسقاطه ، وقتل الأولاد ..
وهكذا في هاوية تبلغ بالمجتمع إلى الحضيض الخلقي والفكري والبدني ..
============
وبجانب الزواج وتأسيس الأسرة ، ينبغي كذلك سد باب قضاء الشهوة خارج حصن الزواج ..
لأنه لا يمكن أن يتحقق المقصد الفطري الإنساني الإجتماعي دون ذلك ..
فإن كثيرًا من الناس يعدون فعل الزنا أمرًا عاديًا لا ينبغي الإنكار عليه أو مكافحته ..
ويرون أن من الطبيعي أن يقع الاتصال الجنسي بين أي رجل وأي امرأة كلما اشتهياه وتراضيا عليه ..!
ذلك أنهم زعموا الإنسان حيوانًا محضًا ، وليس في العملية الجنسية إلا التوالد والتناسل وبقاء النوع ..
فمذهبهم هذا يعود بالضرر البالغ الجسيم على الجانب الإنساني والاجتماعي من الإنسان ..
فهو لا يسمح بتأسيس الأسرة ولا بناء المجتمع ولا رقيه وتمدنه كما سبق ووضحنا ..
فضلاً عن كونه يعود بالضرر كذلك على الطبيعة الحيوانية ..
لأن الرجل لا يقوم بكفالة الطفل إلا إن كان على ثقة من أنه من صلبه ..
فهو لن يتكلف في تربيته الجهد والإيثار والتضحية إن لم يكن على يقين بذلك ..
فضلاً عن أن المرأة إن لم تكن على يقين من استعداد الرجل لكفالتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل والرضاعة وتربية الطفل ..
فإذا نظرنا إلى هذه الجوانب وجدنا أن الرجل والمرأة سوف يتنصلان من هذا الطفل الجديد ..
إذن فلا داعي لإنجابه أصلاً ، فلا تكون غاية الاتصال الجنسي هي التوالد والتناسل ..
بل تكون غايته بينهما هي مجرد التلذذ والتمتع ..
وهذا مخالفٌ لمقصود الفطرة الحيوانية أصلاً ..!
============
وقد يقول بعضهم ما الضير في اثنين يقضيان بعض ساعاتهما في المتعة والسلوة ..؟
أي ضير يقع على المجتمع حتى يتدخل بينهما ..؟
فإذا انحصر الأمر بين ضخصين في تمتع أحدهما بالآخر فأي مبرر للمجتمع حتى يحول بينهما ..؟
وإذا جاز التدخل في مثل هذه الشئون الداخلية جدًا ، فما الذي يبقى من معاني الحرية الشخصية ..؟!
هذا التصور للحرية الشخصية هو من ظلمات الباطل التي تتبدد مع أول إشراقة لشمس الحق ..
فإنه قد صار من المحقق علميًا الآن أن المجتمع عبارة عن نسيج مترابط متشابك لأبعد الحدود ..
وقد اشتبكت فيه حياة كل فرد بغيره من الأفراد سواء عرفهم أم لم يعرفهم ..
حتى أنه لم يعد يتصور أي فعل شخصي إلا وتعود آثاره على المجتمع بأسره ..
وهذا أمر معروفٌ علميًا بما يسمى تأثير الفراشة Butterfly Effect ..
فكما أنه لا يجوز للمرء أن يحمل عصاته الخشبية في زحام السوق ويديرها في الهواء كيف يشاء ..
ولا أن يقود سيارته بغير حيطة أو حذر ..
كذلك لا يجوز له أن يفعل أمرًا إلا بعد تقيده بالضوابط الإجتماعية المبنية على العلم بالعواقب ..
وللجواب التفصيلي على هذا السؤال عدة وجوه نذكر بعضها حسب الاستطاعة والله المستعان ..
الوجه الأول :
إن أول ما يجنيه الزاني على نفسه هو أن يعرض نفسه للإصابة بالأمراض الجنسية ..
وهو مما ينقص من قواه في خدمة مجتمعه ..
فإن المجتمع قد أقام جميع المؤسسات من البلدية إلى الدولة ، ومن المدرسة إلى الجندية ، ومن المصنع إلى معامل البحث العلمي معتمدًا على أن كل فرد من أفراد هذا المجتمع سوف يؤدي نصيبه المفروض لأجل إحكامها وترقيتها ..
فلما جاء هذا الغادر يبدد قوته وطاقته في هذا العمل الدنيء ..
ثم ابتلى بالأمراض الذي سوف تعيقه عن مسيرته الطبيعية في تنمية المجتمع ..
ثم هو يحتاج إلى الرعاية الطبية والصحية حتى يشفى مع ما في ذلك من تكاليف وأعباء على الدولة ..
فهو بذلك قد أضر مجتمعه ضررًا بالغًا ليس بهين ..
لأن مكانة الفرد في المجتمع إن فهمت حقيقتها حق الفهم ، لم تشك أن كل قوة المودعة في أجسامنا ليست لنا فقط ..
بل هي وديعة للمجتمع كله عندنا ، ونحن مسئولون عنها ..
فنحن حين نهلك نفوسنا أو نبدد قوانا أو نضر بأنفسنا من سيئات أعمالنا ، فلا يكون هذا فعل من أضاع شيئًا يملكه أو أضر بشيء له فيه مطلق التصرف ..
بل هو خيانةٌ فيما اُئتمنا عليه للمجتمع البشري ، وإضرارٌ بالغٌ به ..
ذلك أن وجودنا في هذا العالم يشهد أن غيرنا تحملوا الأعباء والتبعات والمشاق لإخراجنا من الظلمات إلى النور ..
ثم جاء نظام الدولة يرعانا ويصون نفوسنا من التلف ..
وبقيت أقسام الرعاية الصحية الحكومية تعمل لحفظ حياتنا وصحة أبداننا ..
ثم توفرت آلاف مؤلفة من الأنفس على توفير احتياجاتنا ولوازم حياتنا ..
وتعاملت جميع المرسسات الإجتماعية لتنشيء قوانا وتربي ملكاتنا حتى جعلتنا على ما نحن عليه الآن ..
أليس من العدل - في هذه الحالة - مقابلة الحسنة بالحسنة ..؟
أم هو الإنصاف أن نعود فنضيع كل هذه القوى الذي بذل غيرنا كل هذه الجهود والخدمات لإيجادها وإبقائها وتنشئتها وتنميتها ..؟!!
أو نعود فنجعلها مضرة بالإنسانية بدلاً من أن تكون مفيدة لها ..؟
لهذا حرم الله الإنتحار ، واللواط ، وأن ينكح المرء يده ..
ولهذه العلة لا يعتبر الزنا متعة فردية ، بل هو ظلمٌ للمجتمع كله ..
ثم إن الزاني لا يصاب بالمرض الجنسي وحده ، بل يصيب به غيره ..
فيتعدى الضرر إلى الآخرين ..
ثم هو ينتقل إلى أولاده وأولاد أولاده ، فيعانون بلا ذنب جنوه ..
وهذه من أهون ثمرات اللذة المحرمة ..
الوجه الثاني :
إن لم يكن حتميًا ابتلاء الزاني بالأمراض السرية ، فمن الحتمي اللازم ابتلاؤه بالسفاسف الخلفية ..
فالوقاحة والخديعة والكذب والدغل والأثرة والخضوع للشهوات وجموح النفس وشرود الفكر وذواقية الطبع وتطلعه إلى كل جديد والغدر وقلة الوفاء كلها من آثار الزنا التي تترتب على أخلاق الزاني نفسه ..
ومما لا ريب فيه أن من يجمع هذه الخصال لا تنحصر آثارها في شئونه الجنسية فقط ..
بل هو يتحف المجتمع كله بها في كل شعبة من شعب الحياة ..
وإن تفشت هذه الخصال في كثرة كاثرة من المجتمع فلا ريب أن تفسد الآداب والعلوم والفنون والمهن والصناعات والاقتصاد والعسكرية والسياسة والقضاء وتدبير الدولة ..
وفي النظام الديمقراطي المؤسس على حكم الشعب لنفسه فإن هذا الشعب إن كانت هذه الخصال بادية فيه ومتفشية فكيف يكون في سياسته ثباتٌ أو قرارٌ ..؟!
الوجه الثالث :
إن مما تستلزمه إباحة الزنا أن تجري في المجتمع حرفة البغاء ..
وذلك أن من يرى للرجل أن يمتع نفسه بلذات الشباب فكأنه يرى أن تكون في المجتمع لهذا الغرض طبقة من النساء ..
ولكن من أين تأتي أولئك النساء ؟ ألا يخرجن من نفس المجتمع الذي يعيش فيه الزناة ..؟
ألا يكن من بناته وأخواته ..؟
فتنفر طائفة من النساء بدلاً من أن تكون ربة منزل أو مؤسسة أسرة أو مربية أولاد ليكن كمراحيض البلدية موضع قضاء وطر كل داعرٍ خليعٍ ..
فيتجردن من كل الخصال النسوية الشريفة ويتدربن على التكسب بالخلاعة والتمايل والدلال ..
وينحدرن إلى أن يبعن محبتهن وقلوبهن وأجسامهن لكل زائرٍ جديدٍ في كل ساعة ..
ويبقين مدة أعمارهن في هذه المهنة الوضيعة بدل القيام بخدمة نافعة مثمرة للمجتمع ..
الوجه الرابع :
إن إباحة الزنا تضر بنظام الأسرة حتى يؤول الأمر إلى أن يزول الزواج ويبقى الزنا وحده ..
لأنه لا يجوز في العقل والنظر أن تسمح بركوب القطار مثلاً دون تذكرة ثم تتوقع من الناس في نفس الوقت أن يدفعوا ثمن التذكرة ..!
فلا يعقل أن يباح للمرء أن يقضي شهواته دون تحمل للتبعات ، ثم تنتظر منه أن يتحمل هذه التبعات ..
فضلاً عن أن الميالين للزنا قلما يصلحون لتأسيس علاقة زوجية صحيحة ..
لأن السلوك الفاسد يبعث في نفوسهم سوء الدخيلة وفجور النظر وذواقية الطبع وتشرد الفكر ..
كما يربي فيهم من تقلب العواطف وعدم ضبط الشهوات ما يكون معه المرء غير قادر على إقامة مؤسسة الأسرة التي تبنى على الثبات والرسوخ والاستقرار في الفكر والقلب ..
فهؤلاء إن ارتبطوا برباط الزواج فلن تتحق بينهم صلات حسن المعاملة والمحبة والوفاء والثقة والانسجام والمواءمة ..
ولن يعودوا قادرين على إنشاء البيت المعمور بالراحة والسعادة ..
وبالتالي لن يكونوا قادرين على إنشاء جيلٍ يتمتع بالصفات اللازمة للتمدن والرقي ..
الوجه الخامس :
إن إباحة الزنا وترويجه لا تقطع دابر العمران الحضاري فحسب ..
بل تستأصل النسل الإنساني كذلك ..
ذلك أن الفطرة تتطلب أن يكون للعلاقة الجنسية ثباتٌ واستقرارٌ حتى يشترك الأبوان في تربية الطفل ..
لكن الرجل إن لم يكن على يقين من كون الولد من صلبه لم يتكلف في تربيته ورعايته الوقت والجهد والمال والتضحية الإيثار ..
ولا يرضى لهذا الولد أن يرثه من بعده ..
كذلك المرأة إن لم تكن على يقين أن الرجل الذي يعاشرها مستعد لكفالتها والقيام برعايتها ورعاية ولدها لم ترض أبدًا أن تعاني متاعب الحمل ..
كذلك إن لم يتعاون الأبوان على تنشئة الطفل ، لم يمكنه أن يبلغ في تعليمه مبلغًا نافعًا لتقدم المجتمع وتحضره ..
كل هذه هي مقتضيات الفطرة الإنسانية ..
فإذا أهملها الرجل والمرأة وسعيا إلى مجرد المتعة والتلذذ ، كان الإتيان بنسل وذرية عبئًا وهمًا يتهرب الطرفان منه ..
فتكون النتيجة المباشرة هي انتفاء التوالد والتناسل أيضًا ..
لأن كلاً من الرجل والمرأة لا يريد أن يتحمل أعباء هذا الطفل ..
فلا ينجبونه أصلاً ..
وفي هذا قطع دابر النسل البشري ..!
الوجه السادس :
إن الأولاد الناتجين عن الزنا لا يكونون على نفس مستوى التفوق والكفاءة والنفع للمجتمع كأولاد الأسر المحترمة ..
لأنه في البداية لا يأتي أبويه كشيء محبوب مطلوب ..
بل ينزل عليهما نزول النكبة المفجعة ..!
ثم هو يفقد في أغلب أحواله عطف الأبوة ورعايتها ..
ولا تتيسر له إلا تربية الأم المفتقرة لدور الأب ..
حتى هذه التربية يخالطها الضجر والإعراض والتذكير باليوم الأسود الذي عرفت فيه أباه ..!
ثم هو كذلك لا يتمتع بالجو العائلي الذي يخلقه حب الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن يليهم من ذوي القربى ..
لهذا فلا عجب أن يخرج إلى المجتمع إنسانًا غير سوى ..
فلا تكون له سيرة صحيحة في الناس ، ولا تتجلى فيه كفاءات معتبرة ، ولا تتوفر له سبل التقدم والتفوق ..
فيكون في نفسه ناقص الإنسانية ، فاقد الحمى والنصير ، مظلومًا مدحورًا ، إن لم يكن مجرمًا شقيًا ..!
فيكون لمجتمعه نكدًا عقيمًا ، إن لم يكن حربًا ووبالاً ..!
وهل تكون الشخصيات الـantisocial والـpsychopathic إلا من هذا النتاج ..؟!
وقد يرى البعض أن يكون هناك نظامٌ قوميٌ لتنشئة الأولاد وتربيتهم وتعليمهم ..
فيولدهم الآباء والأمهات بالعلاقات الجنسية الإباحية ، ثم يلتقطهم هذا النظام القومي للتربية والتعليم ..
وهكذا تتوفر حرية الزنا وإباحية الجنس ، وتتحق مقاصد التناسل وتربية الأولاد وتعليمهم ..
لكن هذا النظام الاجتماعي للتربية والتعليم يحتاج إلى معلمين أكفاء يقومون عن المجتمع بواجب التربية والتنشئة ..
ولا ريب أنه لا يصلح لهذه التربية والتنشئة من المعلمين إلا الذي يتصفون بضبط العواطف والأهواء ، والوقوف عند حدود الأخلاق ..
وإن لم يكن المعلمون كذلك ، لم يستطيعوا أن يربوا النشء على الالتزام الخلقي ..
فقل لي بالله عليك : من أين ستأتي بهؤلاء المعلمين في مجتمع اتخذ الزنا والإباحية شرعةً ومنهاجًا ..؟!
وإذا كنت لم ترد بهذا النظام الاجتماعي إلا أن تطلق عنان الشهوات بين الرجال والنساء في المجتمع ..
وأن تجردهم بهذا من الالتزام الأخلاقي وضوابط الشهوات ..
فكيف إذن - بالله عليك - ترجو أن تتخذ منهم معلمين ومربين ..؟!!
وأنّى لك أن تجد في مجتمع العميان نفرًا من المبصرين ليعلموا الأجيال الناشئة سلوك سبيلهم بعيون بصيرة ..؟!
============
هذه من وجوه قبح الزنا والإباحية عقلاً ..
راعيت فيها أن تكون على مقتضى العقل والنظر ..
وتحاشيت فيها الإشارة إلى وجوه الضرر القلبية والروحية كالبعد عن الله وضعف إرادة الطاعات وإلف المعصية ومرض القلب ..
فضلاً عن ضياع الغيرة وذهاب الحياء وهوان الكرامة وعمى البصيرة وفساد العقل ..
فضلاً عن زوال النعم ومحق البركة ونزول اللعنة وظهور الفساد في البر والبحر ..
إلى آخر عقوبات الزنا المعروفة والمعتبرة شرعًا وقدرًا ..
وإنما اقتصرت على التقبيح العقلي لبيان عمق الحكمة وقوة الحجة في تحريم الزنا والإباحية ..
وأن ضرر الزنا ليس شيئًا يقتصر على فرد أو أفراد ، بل يمتد إلى سائر المجتمع ..
وأنه إن كان الناس يستعظمون جرائم كالسرقة والقتل والنهب لا ينال ضررها إلا فرد أو أفراد ..
فالأولى عدم التهاون في جريمة الزنا والفحشاء ..
لأن ضررها يستاصل شأفة المدنية والحضارة والمجتمع بأسره ..
ولو أن الناس يتبعون العقل والعلم بعواقب الأمور - بدلاً من الهوى والشهوات - لأدركوا جسامة كبيرة الزنا ..
============
إذا ثبت لدينا بما لا يدع مجالاً للشك قبح الزنا والإباحية الجنسية وضررهما البالغ على الفرد والمجتمع وجب إتخاذ التدابير اللازمة لمكافحتهما ..
وأول هذه التدابير :
منع الأسباب المؤدية للوقوع في الفاحشة أو الحافزة إليها ..
مثل الكتابات الإباحية أو المثيرة للشهوات ..
وكذلك الصور العارية أو المحركة للشهوة ..
إلى آخر عوامل التهييج الجنسي ..
وثانيها :
تهذيب عقلية الأفراد بالتربية والتعليم منذ الصغر ، وتنشئتهم على قبح الفاحشة ..
بحيث يعودون ينكرونها من أنفسهم بالوازع الخلقي الداخلي ، فيمنعهم هذا الوازع من ارتكابها ..
فإنه حتى مع توافر السبب أو الحافز أو الداعي للفاحشة يكون الضمير الداخلي كابحًا لجماح الشهوة ..
وثالثها :
تحريض الرأي العام والعقل الجمعي ضد هذه الفاحشة ..
بحيث يصير عامة الناس يعتبرنها عارًا ومخزاةً ..
وفائدة الرأي العام أنه يردع من نقصت تربيته أو ضعف فيه الوازع الداخلي فيزعه المجتمع ..
فهو خط وقائي ثانٍ يلي تنمية الوازع الداخلي ..
ورابعها :
فرض العقوبة الرادعة لمن يرتكب الفاحشة أو يقع فيها ..
والغرض الردعي من فرض العقوبة واضحٌ لا مراء فيه ..
فهناك من الناس من لا تزعهم ضمائرهم ولا مجتمعاتهم ، فتردعهم العقوبة المقررة ..
وخامسها :
إقامة الموانع والعقبات في سبيل هذه الفاحشة ..
فيتم تقييد العلاقات الجنسية بما يقوم في وجهها كالسد المانع ..
كمنع اختلاط الجنسين في الحياة العامة وفرض الحجاب الشرعي على المرأة ..
فمن لا يردعه ضميره الداخلي ، ولا يردعه إنكار المجتمع ، ولا حتى يأبه للعقوبة المقررة ، فهذا تعوقه وتمنعه هذه التدابير ..
فيكون الوقوع في الفاحشة عسيرًا حتى على المقبل عليها بلا اكتراث لأي وازع أو رادع ..
وفي نفس الوقت تتم إزالة الموانع والعقبات من سبيل النكاح بحيث يتم تيسيره على مستوى النظام المدني والأعراف المجتمعية ..
هذه التدابير الوقائية هي مما يشهد بضرورته العقل وتقتضيه الفطرة ..
ومما تعمل به المجتمعات فعلاً ، فلا توجد دولة متحضرة إلا وتستخدم هذه التدابير ضد ما تعتبره جريمة ..
فإذا كان من الثابت أن الفاحشة مهلكة للنسل وقاطعة لدابر المجتمع ، فلا مناص من التسليم بضرورة هذه التدابير ..
بالضبط كما تقام التدابير الوقائية ضد جرائم السرقة والسطو والقتل وقطع الطريق ..
============
ومن الناس من يقر ويسلم بقبح الزنا والإباحية الجنسية ، لكنهم يرون أن المكافحة ينبغي أن تقتصر على الإصلاح الفردي الباطني ..
فيكون لكل امرءٍ من نفسه الوازع الكافي والضمير الرقابي والالتزام الخلقي بما يمتنع به عن ارتكاب الفاحشة ..
أما اللجوء إلى قانون العقوبات وتدابير فصل الجنسين إلى آخرها ففيه حط من قيمة الفرد بمعاملته كالطفل الصغير ..
بل المفترض أن يتم تهذيب الأفراد وتربيتهم بما يجعلهم يحترمون قوانين المجتمع دون رقابة أو وصاية أو عقاب ..
فنرد على هؤلاء بسؤال صغير :
هل بلغت الإنسانية هذا المستوى الراقي من التهذيب والتربية بحيث يمكن الاعتماد عليها دون قوانين أو عقوبات ..؟
وهل بلغ أي مجتمع في الشرق أو الغرب هذا المستوى الرفيع الذي يعتمد على ضمائر الناس فقط لا غير ..؟
ألا تتأملون حال أرقى الدول في هذا العالم والتي تتباهى بأن جميع أفرادها متعلمون مثقفون فتخبروني :
هل منع التهذيب والتربية والتعليم ارتكاب الجرائم ونقض القوانين ..؟
ألا تحدث في هذه البلاد جرائم وحوادث السرقة والقتل ..؟
ألا يرتكب الناس في هذه البلاد الغش والخديعة والظلم والإفساد في الأرض ..؟
هل استغنت هذه الدول عن الشرطة والمحاكم والسجون والمؤسسات الرقابية المالية والإدارية ..؟
هل هذا كله في الدول الراقية والمتقدمة يعني أن حكوماتها تعامل شعوبها كالأطفال الصغار أو أنها تحط من قيمة أفرادها ..؟
فما بالكم تعترضون على قانون العقوبات في هذه المسألة وحدها دون غيرها ..؟
أليس من غير المقبول التفرقة بين المتماثلين وقد ثبت ضرر فاحشة الزنا على الرقي والحضارة والمجتمع والنسل بما يفوق جرائم السرقة والقتل ..؟!
============
ثم قد تجد من يعترض قائلاً إن ما تعدونه محركات للشهوة وتردون إقصاءه وإزالته هو قوام الفن وروح الأدب ..
فالصد عنه هو حربٌ على الفن والأدب في الكثير من صوره وأشكاله ..
ونحن لا نختلف مع المعترض في أهمية الفن والأدب وقيمتهما الغالية التي تتقدم بها الأمم وترتقي ..
لكن حياة المجتمع وصلاحه وفلاحه أهم منهما ..
وقد جرت سنن البشر على إقصاء عناصر الفن والأدب التي فيها ما يضر بالفرد أو المجتمع ..
انظر مثلاً إلى فن النشل وما فيه من خفة يد ولطف وبراعة ..
هل يمكن لأي مجتمع صالح أن يروج له وينشره بين الأفراد ..؟
ألا يتم إقصاء هذا الفن لأجل المصلحة العليا للمجتمع ..
وماذا عن فن التزوير من تزوير النقد إلى تزوير الوثائق والمستندات إلى تزوير التوقيعات إلى تزوير الأختام الحكومية ..إلخ ..؟
ألا يتطلب براعةً بديعةً وتفننًا عالي المستوى ..؟
فهل يستجيز عاقلٌ تنمية هذا الفن والترقي به بين أفراد المجتمع ..؟
ألا يدل هذا على أن مصلحة المجتمع تعلو فوق أي قيمة جمالية فنية كانت أو أدبية ..؟
فلو ثبت لدينا أن شيئًا من الأشياء مضرٌ بحياة المجتمع وفلاحه وصلاحه ، فلا جرم أن نقيد الفن والأدب بما يصرف هذاالضرر عن المجتمع ..
وهذه سنة البشر من قديم ..
============
ومن الاعتراضات أيضًا زعمهم أن إقامة الحواجز وضرب الحجب بين الجنسين لمنع العلاقات الجنسية المطلقة ووضع السدود دون الاختلاط هو اتهامٌ لأخلاق الناس ..
بافتراض في كل واحد منهم داعرٍ فاجرٍ ..
وفيه كذلك أن واضعي هذه القيود لا يثقون برجالهم ولا بنسائهم ..
ففيه اتهامٌ قبيحٌ لأخلاق الأفراد وإهانةٌ لكرامتهم بإساءة الظن فيهم ..
فنقول للمعترض : اعتراضك قويٌ ولا شك ..!
لكن ما كان لك أن تقصره على تدابير مكافحة الزنا والإباحية ..
بل كان الأولى لك أن تتوسع فتقول إن كل قفل على باب وكل رقم سري لخرانة وكل كلمة سر لجهاز كمبيوتر هو كذلك اتهامٌ وإهانةٌ لأخلاق الناس ..
وأنه دليلٌ على أن واضع القفل أو الرقم السري أو كلمة السر لا يثق في من حوله من الناس ..
وأنه يفترض في كل واحد منهم لصًا سارقًا ..
ولك أن تقول كذلك إن كل شرطي في البلاد يعني أن الدولة تعتبر مواطنيها أشرارًا خبثاءً لا ثقة فيهم ..
وأن كل مراقب مالي أو إداري يعني أن كل موظف مختلسٌ أو مهملٌ لا أمانة فيه ..
فما رأيك بهذا النمط في التفكير ..؟
ألا يجعلك التفكير بهذه الطريقة سارقًا قاتلاً مجرمًا متهمًا ..؟!
فهل ترى في هذا إهانة لكرامتك كما تراه في تدابير مكافحة الزنا ..؟
============
وخلاصة القول في المسألة أن كثيرًا من الناس ينكرون الزنا والفاحشة والإباحية الجنسية ..
لكن هذا الإنكار لا يبلغ منهم مبلغًا يشعرهم بضرورة إتخاذ التدابير الوقائية لسد الباب أمامهم بالمرة ..
لهذا تختلف وجهة نظرهم في أمر هذه التدابير عن وجهة نظرنا ..
ولا ريب عندي أنهم إن بينت لهم حقائق الفطرة وانكشفت لهم الأمور على وجهها الصحيح لاتفقوا معنا ..
فالإنسان ما دام فيه عنصر الحيوانية والشهوانية ، فلا يمكن لأي نظام مدني يبغي صلاح المجتمع وفلاحه أن يغفل هذا الجانب في تركيبه ..
لهذا لا ينبغي على المجتمع إهمال هذه التدابير أو التقصير في أمرها ..
والله أعلم وأحكم .
الله أكبر مقال رائع جدا جدا
ردحذفأحزن كثيرا لما أجد مثل هذه الكنوز مختبئة في أعماق الانترنت في بلوج وعلى صفحة شخصية على الفيسبوك
ومخلفات العقول تنتشر بين الناس انتشارا عجيبا
الله المستعان
جزاك الله كل خير يا دكتور وبارك الله فيك
طيب يا عم أحمد ، لو أعجبك المقال أنشره وأرسله لمن تعرفهم :)
ردحذففتح الله عليك يا دكتور
ردحذف